للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثم يسعى) ماشيًا سعيًا (شديدا إلى) العلم (الآخر) (١) وهو الميل الأخضر بفناء المسجد، حذاء دار العباس (٢) .


(١) فإنه صلى الله عليه وسلم نزل من الصفا يمشى، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشي، وعليه الجماهير واستظهره في الفروع، وصححه في التصحيح، وسبب مشروعية السعي والله أعلم أن إبراهيم لما ترك هاجر وإسماعيل هناك، عطش فصعدت الصفا تنظر: هل بالموضع ماء؟ فلم تر شيئا فنزلت فسعت في بطن الوادي، حتى خرجت منه إلى جهة المروة، لأنها توارت بالوادي عن ولدها، فسعت شفقة عليه، فجعل ذلك نسكًا، إظهارًا لشرفها، وتفخيمًا لأمرها.
وعن ابن عباس: إنما سعى بين الصفا والمروة ليرى المشركين جلده وقوته، صححه الترمذي: وقال: وهو الذي يستحبه أهل العلم، وإن سعى ومشى رأوه جائزا، وله عن ابن عمر، لئن سعيت لقد رأيته يسعى، ولئن مشيت لقد رأيته يمشي، وأنا شيخ كبير، أي يشق عليه السعي، والسعي الشديد مشروط بأن لا يؤذي.
(٢) أي ركن المسجد، وإنما عبر به في الأول، وهنا بالفناء تفننا ودار العباس رباط معروف، منسوب إليه، والعلم في الأصل العلامة، والعلمان هنا هما ما عرفهما به، وفي مجمع البحرين، شيئان منحوتان من نفس جدار الحرم، علامتان لموضع السعي، وقال المطرزي وغيره: الميلان علامتان بموضع الهرولة في ممر بطن الوادي.
وقال ابن القيم وغيره: بطن الوادي هو ما بينهما لم يتغير، واستمر عمل المسلمين عليه، خلفًا عن سلف اهـ والسعي بينهما وإن لم يكن اليوم هو بطن الوادي باعتبار ما كان سابقًا، فإن ما بينهما كان منخفضًا، وطرفا المسعي من جهة الصفا والمروة مرتفعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>