للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسح عليها عزيمة (١) (إلى حلها) أي يمسح على الجبيرة إلى حلها أو برء ما تحتها (٢) وليس مؤقتا كالمسح على الخفين ونحوهما، لأن مسحها للضرورة فيتقدر بقدرها (٣) .


(١) فيمسح عليها العاصي بسفره، وتقدم تعريف العزيمة، والحاصل أنه إن كان في أعضاء الوضوء جرح وهو محدث الحدث الأصغر، أو في جسده جرح وهو محدث الحدث الأكبر، فإن قدر على غسل الجرح من غير ضرر وجب عليه غسله في الوضوء والغسل، وإن خاف من غسله بالماء ضرر بدنه وجب عليه غسله في الوضوء والغسل، وإن خاف من غسله بالماء ضرر بدنه أو زيادته أو تأخر برئه فله أن يمسح على ذلك العضو مباشرة، فإن خاف من وصول البلل إليه من المسح ضررا فإنه يجعل عليه جبيرة ثم يمسح على الجبيرة، والمسح واحدة ولو كان على موضع يغسل ثلاثا فإن شأن المسح التخفيف.
(٢) حلها بفتح الحاء أن نقضها من حل العقدة يحلها حلا نقضها وفكها وفتحها، وإذا زالت فكخف، وقيل طهارته باقية، اختاره الشيخ مطلقا، كإزالة شعر، وقال: إذا قلع بعد الوضوء فيه نزاع، والأظهر أنه لا ينتقض الوضوء، لأن الجبيرة كالجزء من البدن.
(٣) أي ليس المسح على الجبيرة ونحوها مؤقتا كالخفين، بل إلى حلها أو برء ما تحتها، لأن مسحها للضرورة فيتقدر بقدر الضرورة إليها، ويفارق مسح الجبيرة الخف في أشياء، منها أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرورة بنزعها، ووجوب استيعابها بالمسح لعدم التضرر في ذلك، والمسح عليها من غير تأقيت، وجواز المسح عليها في الطهارة الكبرى للمشقة في نزعها حينئذ وأن المسح عليها عزيمة، ونظمها ابن نصر الله فقال:
عزيمة ضرورة لم يشمل ... والخرق والتوقيت فيها أهمل
وكلها امسح في الطهارتين ... وقبلها الطهر على قولين

زاد في الإنصاف: أنه يتعين على صاحب الجبيرة المسح بخلاف الخف، وأنه يجوز المسح عليها إذا كانت من حرير ونحوه، على رواية صحة الصلاة في ذلك، بخلاف الخف، وأنه يجوز في سفر المعصية، ثم قال: ويرجع ذلك كله أو معظمه إلى أن مسح الجبيرة عزيمة، ومسح الخف ونحوه رخصة، قال الشيخ: إذا لم يكن نزعها إلا بضرر صارت بمنزلة الجلد وشعر الرأس والظفر، ويمسح عليها وإن شدها على حدث عند أكثر العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصواب وقال: قياسها على الخفين قياس فاسد، وذكر الفرق بينهما من وجوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>