«أحدها» هذه الرواية، فإنه أراد بقوله «مضمونة» يعني بالرد، و «الثاني» أنه لم يسأل عن تلفها، وإنما سأله: هل تأخذها مني أخذ غصب، أو أخذ رد؟ فقال «بل عارية مضمونة» أي أؤديها إليك، وأردها لك، و «الثالث» أنه جعل الضمان صفة لها نفسها، ولو كان ضمان تلف لكان الضمان لتلفها، فلما وقع الضمان على ذاتها، دل على أنه ضمان أداء، ولو كان ضمان تلف لكان لما ضاع بعضها لم يعرض عليه أن يضمنها ولقال هذا حقك. كما لو كان الذاهب بعينه موجودًا، فإنه لا يعرض عليه رده. وللترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة «العارية» مؤداة والمؤداة هي التي تجب تأديتها مع بقاء عينها، فدل على أنها لا تضمن إلا بالتعدي، ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة، ويشهد له الرواية الثانية، وهي قوله «مؤداة» بدل: «مضمونة» قال: والقول بعدم الضمان قوي متجه، وإن كنا لا نقبل قوله في دعواه التلف، لأنه ليس بأمين، لكنه إذا صدقه المالك في التلف، بأمر لا ينسب فيه إلى تفريط، فعدم التضمين قوي، وأفتى عبد الله بن الشيخ محمد أنها لا تضمن إلا بالتفريط فيها، واختار الشيخ أنها تضمن بالتضمين فيها، فقال: هي مضمونة بشرط ضمانها، وهو رواية عن أحمد.