للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن ابن عباس وأبي هريرة (١)


(١) أن العارية مضمونة، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه، منفردًا بنفعه، من غير استحقاق، ولا إذن في الإتلاف، فكان مضمونا، كالمغصوب، والمأخوذ على وجه السوم، وعنه: لا تضمن. وحكاه الشيخ وغيره إذا لم يجر منه تعد، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وطوائف من السلف، وقالوا: هي أمانة، لا تضمن إلا بالتعدي فيها، لخبر صفوان، وقوله صلى الله عليه وسلم «بل مؤداة» بدل «مضمونة» رواه أبو داود، وغيره، واختاره ابن القيم، وغيره، لأوجه ذكرها في قوله: «مضمونة» .
«أحدها» هذه الرواية، فإنه أراد بقوله «مضمونة» يعني بالرد، و «الثاني» أنه لم يسأل عن تلفها، وإنما سأله: هل تأخذها مني أخذ غصب، أو أخذ رد؟ فقال «بل عارية مضمونة» أي أؤديها إليك، وأردها لك، و «الثالث» أنه جعل الضمان صفة لها نفسها، ولو كان ضمان تلف لكان الضمان لتلفها، فلما وقع الضمان على ذاتها، دل على أنه ضمان أداء، ولو كان ضمان تلف لكان لما ضاع بعضها لم يعرض عليه أن يضمنها ولقال هذا حقك. كما لو كان الذاهب بعينه موجودًا، فإنه لا يعرض عليه رده.
وللترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة «العارية» مؤداة والمؤداة هي التي تجب تأديتها مع بقاء عينها، فدل على أنها لا تضمن إلا بالتعدي، ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة، ويشهد له الرواية الثانية، وهي قوله «مؤداة» بدل: «مضمونة» قال: والقول بعدم الضمان قوي متجه، وإن كنا لا نقبل قوله في دعواه التلف، لأنه ليس بأمين، لكنه إذا صدقه المالك في التلف، بأمر لا ينسب فيه إلى تفريط، فعدم التضمين قوي، وأفتى عبد الله بن الشيخ محمد أنها لا تضمن إلا بالتفريط فيها، واختار الشيخ أنها تضمن بالتضمين فيها، فقال: هي مضمونة بشرط ضمانها، وهو رواية عن أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>