للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله عليه السلام «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر» متفق عليه (١) وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم «ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر» فكان ذلك إلى الكعبين (٢) فإن كان الماء مملوكا، قسم بين الملاك بقدر النفقة والعمل (٣)


(١) وكان الزبير رضي الله عنه تخاصم مع رجل من الأنصار في شراج الحرة التي يسقون بها النخل إذا سالت من ماء المطر، وكان يمر بأرض الزبير، فيحبسه لإكمال سقي أرضه، وطلب الأنصاري تعجيل إرساله، فقال «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» فغضب الأنصاري فقال «اسق يا زبير، ثم احبس الماء» أي على أرضك «حتى يصل» أي الماء «إلى الجدر» أي جدران الشربات التي في أصول النخل، والمعنى حتى يبلغ تمام الشرب.
(٢) وذلك لما علم السلف أن الجدر يختلف بالطول والقصر، قاسوا ما وقعت فيه القصة، فوجدوه يبلغ الكعبين، فجعلوا ذلك معيارًا لاستحقاق الأول فالأول. ولأبي داود وغيره من حديث عمرو بن شعيب أنه صلى الله عليه وسلم «قضى في سيل مهزور» واد بالمدينة مشهور «أن يمسك الأعلى حتى يبلغ السيل الكعبين، ثم يرسل الأعلى على الأسفل» وغيره مما يدل على أن الأعلى تستحق أرضه الشرب، ويمسك إلى الكعبين، ثم يرسله إلى من يليه، وقال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافًا.
(٣) لأنه إنما ملك بالعمارة، والعمارة بالنفقة، فإن لم يكفهم وتراضوا على قسمته بمهاياة أو غيرها جاز، وإن تشاحوا قسمه الحاكم بينهم على قدر أملاكهم، لأن كل واحد منهم يملك من النهر بقدر ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>