(٢) ورواه الحاكم وغيره، وكلهم من حديث عقبة، وللخمسة من حديث ابن مسعود: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل، والمحلل له. وصححه الترمذي وغيره، وقال: العمل عليه عند أهل العلم، منهم عمر، وعثمان، وابن عمر، وهو قول الفقهاء من التابعين، فدل الحديث وغيره: على تحريم التحليل، لأنه لا يكون اللعن إلا على فاعل المحرم، وكل محرم منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد. ورجح الخلوتي: أن المرأة ووليها، وولي الزوج، كالزوج نية واشتراطا، ووكيل كموكل، وهو ظاهر قول المنقح، وترجيحهم عدم الإحلال في مسألة لم يوجد فيها نية، ولا شرط من الزوج، لكن قال ابن القيم وغيره: إنما تؤثر نيته وشرط الزوج، ولا أثر لنية الزوجة ولا الولي، وإنما التأثير لنية الزوج الثاني، فإنه إذا نوى التحليل كان محللا، فيستحق اللعنة، ويستحق الزوج المطلق اللعنة إذا رجعت إليه بهذا النكاح الباطل، فأما إذا لم يعلم الزوج الثاني ولا الأول، بما في قلب المرأة أو وليها من التحليل، لم يضر ذلك العقد شيئًا، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم من امرأة رفاعة: أنها كانت تريد أن ترجع إليه، ولم يجعل ذلك مانعا من رجوعها إليه، وإنما جعل المانع عدم وطء الثاني، فقال «حتى تذوق عسيلته» . وإذا ادعى الزوج الثاني: أنه نوى التحليل أو الاستمتاع، فينبغي أن لا يقبل منه في بطلان نكاح المرأة، إلا أن تصدقه، أو تقوم بينة إقرار على التواطيء قبل العقد، ولا ينبغي أن يقبل على الزوج الأول، فتحل في الظاهر بهذا النكاح، إلا أن يصدق على إفساده، أو أن الثاني ممن يعرف بالتحليل، فإن غلب على ظن الأول صدق الزوج الثاني، حرمت عليه فيما بينه وبين الله، ومن المكر والحيل، واتخاذ آيات الله هزوا، من إذا طلق ثلاثا قدح في صحة النكاح، وهو من الكبائر، وأكبر المحرمات، وقد كان صحيحًا لما كان مقيما معها.