للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى عمودي نسبه وهم آباء الجاني وإن علوا، وأبناؤه وإن نزلوا (١) سواء كان الجاني رجلا أو امرأة (٢) لحديث أبي هريرة «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنين امرأة من بني لحيان، سقط ميتا، بغرة عبد أو أمة (٣) ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة، توفيت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ميراثها لزوجها وبنتيها، وأن العقل على عصبتها» متفق عليه (٤) .


(١) وهو قول جمهور العلماء حكاه الموفق وغيره: وقال الشيخ: أبو الرجل وابنه من عاقلته، عند الجمهور، كأبي حنيفة، مالك، وأحمد في أظهر الروايتين عنه، ولأنهما أحق بنصرته من غيرهما فوجب أن يحملا عنه، كالإخوة.
(٢) بلا نزاع.
(٣) الجنين: حمل المرأة ما دام في بطنها، سمي بذلك لاستتاره، فإن خرج حيا فولد، وإلا فسقط، والغرة أصلها البياض في وجه الفرس، وكأنه عبر بالغرة عن الجسم كله، كما قالوا اعتق رقبته، وأقل ما يجزئ من العبد والأمة ما سلم من العيوب، التي يثبت بها الرد في المبيع.
(٤) في لفظ: وقضى بدية المرأة على عاقلتها، أي قرابتها من قبل الأب وهم عصبته، وهم الذين يعقلون الإبل على باب المقتول.
فدل الحديث على أن دية الخطأ على العاقلة، وأجمع العلماء على ذلك، وفي رواية عن جابر: جعل دية المقتول على عاقلتها، وبرأ زوجها وولدها، ورواه أبو داود، وهو رواية عن أحمد فإذا خرج الولد قيس عليه الوالد، لأنه في معناه، ويشهد لما فرعوا عليه، ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا، إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها، ولأنهم عصبة فأشبهوا سائر العصبات، لأن العقل مبناه على التناصر وهم من أهله، وتقدم أنه قول الجمهور، واختيار الشيخ وغيره.
وتقدم اتفاق العلماء، على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل، وأنها إنما تحمل الخطأ لا العمد بلا نزاع، وأن في شبه العمد نزاع، الأظهر أنها لا تحمله، وأن إيجاب الدية في مال المخطئ ضرر عظيم به، من غير ذنب تعمده، ولا بد من إيجاب بدل المقتول، فالشارع أوجب على من عليهم موالاته ونصرته، أن يعينوه على ذلك، فكان كإيجاب النفقات وفكاك الأسير، قال ابن القيم: ومعلوم أن هذا من أصول الشرائع، التي بها قيام مصلحة العالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>