للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديث أبي بردة مرفوعًا: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط، إلا في حد من حدود الله» متفق عليه (١) وللحاكم نقصه عن العشرة حسبما يراه (٢) .


(١) أي إلا ما عين فيه الشارع عددا من الضرب، فالمراد مقدر فيه الحد، فليست الحدود، المقدر فيها حد، بل المحرمات، فحدود الله محارمه، وقال الشيخ: معنى حد، أي معصية الله، وهو مذهب أحمد، وعليه أكثر الأصحاب وعنه تجوز الزيادة، وهو مذهب مالك، والشافعي، فيعزر بحسب المصلحة وعلى قدر الجريمة، واختاره الشيخ وغيره.
وإن كان التعزير فيه مقدر، لم يبلغ به المقدر، فلا يبلغ على المباشرة حد الزنا، ولا السرقة من غير قطع حد القطع، ونحو ذلك وما اقتضته المصلحة فيجوز مثل قتل الجاسوس المسلم، والمفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى غير كتاب الله وسنة نبيه، وغير ذلك مما لا يندفع إلا بالقتل.
قال الشيخ وغيره وهذا أعدل الأقوال، وعليه دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين، فقد أمر بضرب الذي أحلت له امرأته جاريتها مائة، وأبو بكر وعمر أمرا بضرب رجل وامرأة وجدا في لحاف واحد، مائة مائة، وضرب عمر صبيغا ضربا كثيرا، وقال: إذا كان المقصود دفع الفساد، ولم يندفع إلا بالقتل قتل، وحينئذ فمن تكرر منه جنس الفساد، ولم يرتدع بالحدود المقدرة بل استمر على الفساد، فهو كالصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل، فيقتل.
(٢) لأنه أقله ليس مقدرا، فيرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، وذلك لتفاوت الجرائم، بالشدة والضعف، واختلاف الأحوال، والأزمان فجعلت العقوبات على بعض الجرائم، راجعة إلى اجتهاد الأئمة، وولاة الأمور، بحسب الحاجة، والمصلحة، ولا تخرج عما أمر الله به ونهى عنه، وكما يكون التعزير بالضرب
يكون بالحبس والصفع، والتوبيخ، والعزل عن الولاية، ونحو ذلك.
قال الشيخ: وقد يكون التعزير بالنيل من عرضه، كيا ظالم يا معتدي، وبإقامته من المجلس اهـ، وإن عزر الإمام رجلا فمات، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد لا ضمان عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>