وقال الشيخ: ليس في الشرع ما يدل على أن العاصي في سفره لا يأكل الميتة، ولا يقصر ولا يفطر، بل نصوص الكتاب والسنة عامة، مطلقة، كما هو مذهب كثير من السلف، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر، وهو الصحيح. (٢) أي حل للمضطر من الميتة ونحوها من المحرم، غير نحو السم، ما يسد رمقه، ويأمن معه الموت، وهو إجماع، وضبطه بعضهم بالشين المعجمة أي يمسك قوته عليه ويحفظها، وفي الصحاح: بقية روحه، وعلم منه أنه ليس له الشبع، وقال الموفق وغيره: إن كانت الضرورة مستمرة، جاز الشبع، قال الشيخ: وليس له أن يعتقد تحريمها حينئذ ولا يكرهها. (٣) وقوله: {لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فسبب الإباحة حفظ النفس عن الهلاك، والباغي والعادي، قد قيل إنهما صفة للشخص مطلقا، وقد قيل: إنهما صفة لضرورته، فالباغي الذي يبغي المحرم، مع قدرته على الحلال، والعادي الذي يتجاوز قدر الحاجة كما قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} قال الشيخ: وهذا قول أكثر السلف، وهو الصواب بلا ريب اهـ. ودلت الآية على إباحة المحرمات، حال الإضطرار حضرا وسفرا، لأنها مطلقة غير مقيدة، ولأن الاضطرار يقع في الحضر والسفر فقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ} لفظ عام في كل مضطر. (٤) أي التلف، وفي الترغيب، جوز جماعة التزود منه مطلقا، وصوبه في الإنصاف: وهو قول مالك، لما رواه أبو داود، أنه قال للذي سأله عن ناقة نفقت وقالت امرأته: أسلخها، حتى نقد شحمها ولحمها، ونأكله هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا، قال: فكلوها، ولأنه لا ضرر في استصحابه، ولا في إعداده لدفع ضرورته.