للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمقضية (١) (يقاتل أهل بلد تركوهما) أي الأذان والإقامة (٢) فيقاتلهم الإمام أو نائبه، لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة (٣) .


(١) لحديث عمرو بن أمية الضميري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فنام عن الصبح، ثم أمر بلالا فأذن ثم أقام الصلاة، رواه أبو داود وغيره، ولمسلم وغيره نحوه، إلا أنه لا يرفع صوته في القضاء إن خاف تلبيسا وكذا في غير وقت الأذان المعهود له عادة، وكذا في بيته البعيد عن المسجد، بل يكره لئلا يضيع من يقصد المسجد ويسنان لجماعة ثانية في غير الجوامع الكبار، وإن كان في بادية رفع صوته بالأذان لأمن من اللبس، ولما رواه البخاري وغيره إذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد لك يوم القيامة.
(٢) إجماعا وإن قلنا إنهما سنة، واختاره الشيخ، وقال: النزاع لفظي، فإن كثيرا يطلق السنة على ما يعاقب تاركه، وأما من زعم أنهما سنة بمعنى أنه لا إثم على تاركهما ولا عقوبة فهذا خطأ فإن الأذان شعار دار الإسلام الذي استحل أهل الدار بتركه اهـ وظاهره أنهم لو تركوا أحدهما لا يقاتلون.
(٣) فلا يجوز تعطيلهما فيقاتلون على تركهما حتى يفعلوهما، لما يلزم من الاجتماع على تركه من استخفافهم بالدين، يخفض أعلامه الظاهرة، وهكذا حكم شعائر الإسلام الظاهرة، وإن كانوا مستقيمين على دين الإسلام، فإن موجب القتال أعم من أن يكون لأجل الردة، قال الحجاوي: هو أولى من قول بعضهم، إن اتفق أهل بلد، لأن الحكم منوط بالترك لا بالاتفاق، وقال عثمان: إن كان مراده أنهم لا يقاتلون باتفاق لا ترك معه، كما لو اتفقوا قبل الزوال، فظاهره أنهم لا يقاتلون قبل الترك، لكن الظاهر أنه لا بد من ترك متفق عليه، فلا يكفي أحدهما في جواز المقاتلة لما ثبت في الصحيح وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلق استحلال الدار بتركه، فإنه إذا لم يسمع أذانا أغار عليهم والشعائر جمع شعار أو شعارة بفتح أوله أو كسره، أي علامات، الواحد شعيرة، والمراد هنا أنهما من أجل علامات الإسلام، وهو الصلاة بظهور أجل صفاتها الظاهرة وهو الاجتماع لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>