للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير ترجيع الشهادتين (١) فإن رجعهما فلا بأس (٢) (يرتلها) أي يستحب أن يتمهل في ألفاظ الأذان (٣) .


(١) أي تكرير: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، بأن يخفض بهما صوته، ثم يعيدهما رافعا بهما صوته، سمي ترجيعا لرجوعه من السر إلى الجهر، والمراد بالخفض أن يسمع من بقربه، والأذان بغير الترجيع هو المشهور من حديث عبد الله بن زيد، قال: طاف بي وأنا نائم رجل، فقال: تقول الله أكبر، فذكر الأذان إلى آخره بتربيع التكبير بغير ترجيع، قال: وكان بلال يؤذن كذلك إلى أن مات، وعليه عمل أهل المدينة، وقال أحمد: هو آخر الأمرين.
(٢) لأنه فعل أبي محذورة، وعليه عمل أهل مكة، وقال الشيخ: كل منهما أذان صحيح عند جميع سلف الأمة وعامة خلفها، وكل واحد منهما سنة، سواء رجع أو لم يرجع، ومن قال: إن الترجيع واجب لا بد منه، أو إنه مكروه منهي عنه، فكلاهما مخطئ، واختيار أحدهما من مسائل الاجتهاد، والصواب تسويغ كل ما ثبت في ذلك، ومن تمام السنة في مثل هذا أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، لأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره، قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة، فيجب مراعاة القواعد الكلية التي فيها الاعتصام بالكتاب والسنة والجماعة، وأصح الناس في ذلك طريقة هم علماء الحديث الذين عرفوا السنة واتبعوها، والإمام أحمد رحمه الله له أصل مستمر في جميع صفات العبادات، أقوالها وأفعالها، ييستحب كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير كراهة لشيء منه، مع علمه بذلك واختياره للبعض، أو تسويته بين الجميع.
(٣) بلا نزاع لحديث إذا أذنت فترسل، والمترسل الذي يتمهل في تأذينه ويبينه بيانا يفهمه من سمعه، من غير تمطيط ولا مد مفرط، وهو من قولهم: جاء فلان على رسله، أي على هيئته غير عجل ولا متعب لنفسه، ضد المسرع، ولأن الأذان إعلام للغائبين، فالتثبت فيه أبلغ في الإعلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>