للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحملان على المقيد السابق (١) وإنما خصت القلتان بقلال، هجر لوروده في بعض ألفاظ الحديث (٢) ولأنها كانت مشهورة الصفة معلومة المقدار (٣) .


(١) وهو قوله: «إذا بلغ الماء قلتين» الحديث، وقال شيخ الإسلام حديث القلتين إذا صح فمنطوقه موافق لغيره، وأما مفهومه فلا يلزم أن يكون كلما لم يبلغ القلتين ينجس، ولم يذكر هذا التقدير ابتداء، وإنما ذكره في جواب من سأله عن مياه الفلاة، والتخصيص إذا كان له سبب لم يبق حجة بالاتفاق، والمسئول عنه كثير، أو من شأنه أنه لا يحمل الخبث، فدل على أن مناط التنجيس هو كون الخبث محمولا، فحيث كان الخبث محمولا موجودا في الماء كان نجسا، وحيث كان مستهلكا غير محمول في الماء كان باقيا على طهارته، فصار حديث القلتين موافقا لقوله «الماء طهور لا ينجسه شيء» ، لم يرد أن كل ماء لم يبلغ القلتين فإنه يحمل الخبث فإن هذا مخالفة للحس، إذ قد يحمل وقد لا يحمل، ونكتة الجواب أن كونه يحمل أو لا يحمل أمر حسي يعرف بالحس، فإنه إذا كان الخبث موجودا فيه كان محمولا وإن كان مستهلكا لم يكن محمولا.
وقال ابن القيم: الذي تقتضيه الأصول أن الماء إذا لم تغيره النجاسة لا ينجس، فإنه باق على أصل خلقته، وهو طيب فيدخل في قوله {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .
وهذا هو القياس في المائعات جميعها إذا وقع فيها نجاسة فاستحالت بحيث لم يظهر لها لون ولا طعم ولا ريح اهـ، وإذا وقعت نجاسة في ماء، هل يقتضي القياس أنه كاختلاط الحلال والحرام، إلى أن يقوم دليل على تطهيره، أو إلى أن تظهر النجاسة؟ صوب الشيخ الثاني.
(٢) أي حديث القلتين ولفظه «إذا كان الماء قلتين بقلال هجر» ، رواه الخطابي بإسناده إلى ابن جريج مرسلا.
(٣) معروفة وكان صلى الله عليه وسلم يمثل بها كما في حديث سدرة المنتهى
(وإذا نبقها مثل قلال هجر) ، والتمثيل لا يكون بمختلف متفاوت، قال الشيخ: ومن عادته صلى الله عليه وسلم أن يقدر المقدرات بأوعيتها، فتقدير الماء بالقلال مناسب، لأنها وعاء الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>