والفروع في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن، فإنه أصل علوم الدين، قال والأشهر عن أحمد الاعتناء بالحديث والفقه، وقال: ليس قوم خيرا من أهل الحديث، وقال: معرفة الحديث والفقه أحب إليه من حفظه، وقد مدح الله الفقه فقال: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} وفسر بعلم الفقه، وقال البخاري: وهو ثمرة الحديث، وليس ثوابه في الآخرة بدون ثوابه. وقال ابن الجوزي: بضاعة الفقه أربح البضائع، قال: وعليه مدار العلوم فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن من الفقه، فإنه الأنفع، وقال: تأملت أسباب الفضائل فإذا هو علو الهمة، وذلك أمر مركوز في الجبلة، لا يحصل بالكسب وأرباب النهاية في علو الهمة لا يرضون إلا بالغاية، فهم يأخذون من كل فن من العلم مهمة ثم يجعلون جل اشتغالهم بالفقه لأنه سيد العلوم اهـ ولا يتم أمر ولا تحصل بركة إلا بصلاح النية، ثم ما يتعدى نفعه يتفاوت كعيادة مريض، وقضاء حاجة مسلم، وإصلاح بين الناس، ونحو ذلك، وفي الحديث ألا أخبركم بأفضل من درجة الصدقة والصلاة والصوم؟ قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة صححه الترمذي. ولأحمد أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وله أيضا، أحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله، والفكرة في آلاء الله، ودلائل صنعه، والوعد والوعيد، وهو الأصل الذي يفتح أبواب الخير، وينتج أفعاله، وما أثمر الشيء فهو خير من ثمرته، وقال غير واحد: النطق بكلمة التوحيد أفضل إجماعا، وعمل القلب أفضل من عمل الجوارح، وقال الشيخ: كل واحد بحسبه، فإن الذكر بالقلب أفضل من القراءة بلا قلب، وقال ابن الجوزي، أصوب الأمور أن ينظر إلى ما يطهر القلب ويصفيه للذكر والأنس فيلازمه، وفي الفنون، لو لم يكن مقاساة المكلف إلا لنفسه لكفى به شغلا أن يصح ويسلم ويداوي بعضه ببعض فذلك هو الجهاد الأكبر لأنه مغالبة المحبوبات، ومن انفتح له طريق عمل بقلبه بدوام ذكر أو فكر، فذلك الذي لا يعدل به ألبتة، ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه.