للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلاة الجماعة أفضل بسبع وعشرين درجة، لحديث ابن عمر المتفق عليه (١) وتنعقد باثنين، ولو بأنثى وعبد (٢) في غير جمعة وعيد (٣) لا بصبي في فرض (٤) (ولو فعلها) أي الجماعة (في بيته) لعموم حديث جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (٥) .


(١) ولفظه «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» وفيهما أيضا بخمس وعشرين وأنكر شيخ الإسلام حمله على غير المعذور وقال: التفضيل لصلاة الجماعة على صلاة الفرد إنما دل على فضل هذه الصلاة، على هذه الصلاة، فمراد الشارع المعذور الذي يباح له الصلاة وحده.
(٢) والإمام رجل أو أنثى، أو عبد والإمام حر أو عبد أو مبعض، فإن أم عبده أو زوجته كانوا جماعة، لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع، والاثنان أقل ما يتحقق به الجمع، ولما روى ابن ماجه والبغوي من حديث أبي موسى مرفوعا «الاثنان فما فوقهما جماعة» وضعفه السيوطي، ولحديث «من يتصدق على هذا؟» فقام رجل، فصلى معه، فقال: «هذان جماعة» رواه أحمد وغيره، ولقوله لمالك بن الحويرث «وليؤمكما أكبركما» ، ولصلاته بابن عباس عن يمينه، وغيرها، قال الوزير وغيره: أجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان، إمام ومأموم قائم عن يمينه، وحكاه البغوي إجماع المسلمين.
(٣) متعلق بتنعقد، يعني والإمام حر أو عبد، لاشتراط العدد فيهما، على ما يأتي.
(٤) والإمام بالغ، لأنه لا يصلح إمام في الفرض، ويصح في النفل، لأنه عليه الصلاة والسلام أمَّ ابن عباس وهو صبي، رواه الجماعة، وعنه: يصح في الفرض كالنفل، للأخبار ويأتي.
(٥) متفق عليه، وفي لفظ «فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة، فعنده مسجده
وطهوره فمن أقامها في بيته خرج من العهدة، وفاتته الفضيلة» ، وكذا في صحراء على الصحيح من المذهب، وعنه: ليس له فعلها في بيته، قدمه في الحاوي وغيره، وأن حضور المسجد واجب على القريب منه، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» وعن علي مثله وزاد وجار المسجد من أسمعه المنادي، رواه البيهقي بإسناد جيد، وقال ابن عباس في قوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ) من سمع النداء بالصلاة، ثم لم يجب، ولم يأت المسجد ويصلي فيه، فلا صلاة له، وقد عصى الله ورسوله، وله شواهد كثيرة، ولحديث الأعمى وغيره، وعموم الحديث الذي استدلوا به ضعيف، بل لا يدل هنا، لمخالفة النصوص، ومقصود الشارع بالجماعة.
قال ابن القيم: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان، إلا لعارض، يجوز معه ترك الجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر، كترك أصل لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار، وسئل الحلواني الحنفي عمن يجمع بأهله أحيانا هل ينال ثواب الجماعة؟ فقال: لا، ويكون بدعة ومكروها بلا عذر اهـ، ولأنه تعطيل للمساجد، وقد علم من الدين ضرورة أن الله شرع الصلوات الخمس في المساجد واعتنى بإحيائها، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وقال: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وغير ذلك من نصوص الكتاب والسنة، وما هو سبيل سلف الأمة وخلفها، وكل ما تقدم من الأدلة على وجوبها، فهي صريحة في وجوب إتيان المساجد لها.
وقال شيخ الإسلام: لا ينبغي له أن يترك حضور المسجد إلا لعذر، كما دلت على ذلك السنن والآثار، والصلاة في المساجد من أكبر شعائر الدين وعلاماته، وفي تركها بالكلية أو في المساجد محو آثار الصلاة بحيث أنه يفضي إلى تركها
ولو كان الواجب فعل الجماعة، لما جاز الجمع للمطر ونحوه، وترك الشرط، وهو الوقت لأجل السنة، ومن تأمل الشرع المطهر، علم أن إتيان المسجد لها فرض عين إلا لعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>