للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سن له قصر الرباعية ركعتين (١) .


(١) قال في الإقناع والمنتهى وغيرهما: ولو قطعها في ساعة، وذكر شيخ الإسلام أن السفر ليس محدودا بمسافة بل يختلف، فيكون مسافرا في مسافة بريد، وقد يقطع أكثر من ذلك ولا يكون مسافرًا، فلو ركب رجل فرسا سابقا إلى عرفة ثم
رجع من يومه إلى مكة لم يكن مسافرا، يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن» فلو قطع البريد في ثلاثة أيام كان مسافرًا ثلاثة أيام، فيمسح مسح مسافر، ولو قطع البريد في نصف يوم لم يكن مسافرا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما اعتبر ثلاثة أيام، سواء كان حثيثا أو بطيئا وذكر أن ابن عباس نهى من ذهب ورجع من يومه إلى أهله أن يقصر.
وقال: الذين جعلوا المسافة الواحدة حدا يشترك فيه جميع الناس، مخالفون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل يخرج من القرية إلى صحراء لحطب يأتي به، فيغيب اليومين والثلاثة فيكون مسافرا، وإن كانت المسافة أقل من ميلن بخلاف من يذهب ويرجع من يومه، فإنه لا يكون في ذلك مسافرا فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد، بخلاف الثاني، فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرا، فالسفر يكون بالعمل الذي يسمى سفرا لأجله، والعمل لا يكون إلا في زمان، فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر سمي مسافرا، وإن لم تكن المسافة بعيدة، وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد لم يسم سفرا، وإن بعدت المسافة، فالأصل هو العمل الذي يسمى سفرا، ولا يكون العمل إلا في زمان، فيعتبر العمل الذي هو سفر، ولا يكون ذلك إلا في مكان يسفر عن الأماكن، وهذا مما يعرفه الناس بعاداتهم فما سموه سفرا فهو سفر وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>