للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا مطر، وفي رواية: من غير خوف ولا سفر، رواهما مسلم من حديث ابن عباس، ولا عذر بعد ذلك إلا المرض (١) .


(١) علله ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يحرج أمته، وفي الطبراني وغيره: «لئلا تحرج أمتي» ، ودل الحديث بفحواه على الجمع للمرض والمطر والخوف، وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر للإجماع، وأخبار المواقيت، فتبقى فحواه على مقتضاه، قال شيخ الإسلام، في الجمع لمطر أو غيره: وبهذا الحديث استدل أحمد على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى، فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل، فإنه إذا جمع ليرفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع، والجمع لها أولى من الجمع لغيرها، ومما يبين أن ابن عباس لم يرد الجمع للمطر، وإن كان أولى بالجواز، ما رواه مسلم عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال ابن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته، ولمسلم عنه: لما قال له رجل: الصلاة قال: أتعلمنا بالصلاة، وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد استدل على فعله وهو يخطب بالبصرة بما رواه لما رأى أنه إن قطعه ونزل فاتت مصلحته، وكان عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع، وكان رأى أن الأمر في حال الجمع أوسع منه في غيره، وبذلك يرتفع الحرج عن الأمة
قال شيخ الإسلام: وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن الأمة، فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا، والأحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد، لرفع الحرج عن أمته، فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج، قد رفعه الله عن الأمة، وذلك
يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى
والأحرى وقال النووي وغيره: يجوز الجمع من أجل المرض، وفاقا لمالك وقواه، وقال: يستدل له بحديث ابن عباس: من غير خوف ولا مطر، لأنه إما أن يكون بالمرض، وإما بغيره مما في معناه أو دونه، ولأن حاجة المريض آكد من الممطور، وقال ابن المنذر: يجوز من غير خوف ولا مطر ولا مرض، قال الخطابي: وهو قول جماعة من أصحاب الحديث لظاهر حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>