للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن استويا فالتأخير أفضل (١) والأفضل بعرفة التقديم، وبمزدلفة التأخير مطلقا (٢) وترك الجمع في سواهما أفضل (٣) .


(١) لأنه أحوط، وعمل بالأحاديث وليس على إطلاقه، بل في الجملة قال شيخ الإسلام في جمع المطر، السنة أن يجمع للمطر في وقت المغرب، حتى اختلف مذهب أحمد هل يجوز أن يجمع للمطر في وقت الثانية؟ وقيل: إن ظاهر كلامه أنه لا يجمع، وفيه وجه ثالث أن الأفضل التأخير وهو غلط، مخالف للسنة وللإجماع القديم، وصاحب هذا القول ظن أن التأخير أفضل مطلقا، وهذا غلط فليس جمع التأخير بأولى من جمع التقديم، بل ذلك بحسب الحاجة والمصلحة فقد يكون هذا أفضل، وقد يكون هذا أفضل، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد المنصوص عنه وغيره، وقال أيضا: كان الجمع المشروع مع المطر هو جمع التقديم في وقت المغرب، ولا يستحب أن يؤخر بالناس المغرب إلى مغيب الشفق، بل هذا حرج عظيم على الناس، وإنما شرع الجمع لئلا يحرج المسلمون.
(٢) أي سواء كان هو الأرفق أو لا، فالتقديم بعرفة أفضل، ولو كان التأخير أرفق، لأنه لأجل العبادة، والتأخير بمزدلفة أفضل، ولو كان التقديم أرفق، لأجل السير، وصرح في المنتهى وغيره أنه إن عدم الأرفق فإذا وصل إليها أول الوقت لم يؤخره، ما لم يكن أرفق، والأولى إذا وصل في وقت الاختيار صلى المغرب وحدها، لزوال العلة، كما أن الأولى للنازل صلاة كل فرض في وقته.
(٣) فلا يستحب إلا عند الحاجة إليه للاختلاف فيه، غير جمعي عرفة ومزدلفة فيسن بشرطه إجماعا، وهو التقديم بعرفة، والتأخير بمزدلفة، لفعله عليه الصلاة والسلام، قال شيخ الإسلام: الجمع بعرفة ومزدلفة متفق عليه، وهو منقول بالتواتر، فلم يتنازعوا فيه، والصواب أنه لم يجمع بعرفة ومزدلفة لمجرد السفر، بل لاشتغاله باتصال الوقوف عن النزول، ولاشتغاله بالمسير إلى مزدلفة اهـ.
وكذا يستحب عند الحاجة، كما كان يصنع صلى الله عليه وسلم في سفره إذا جد به السير، كما فعل بمزدلفة، وفي غزوة تبوك قال شيخ الإسلام: وفعل كل صلاة في وقتها أفضل إذا لم يكن حاجة، عند الأئمة كلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في حجته إلا بعرفة ومزدلفة، ولم يجمع بمنى، ولا في ذهابه وإياه، ولكن جمع في غزوة تبوك، إذا جد به السير، والذي جمع هناك يشرع أن يفعل نظيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>