للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليسير ما يشبه فعله صلى الله عليه وسلم من حمل أمامة، وصعود المنبر، ونزله عنه، لما صلى عليه، وفتح الباب لعائشة، وتأخره في صلاة الكسوف ثم عوده، ونحو ذلك (١) وإشارة الأخرس ولو مفهومة كفعله (٢) ولا تبطل بعمل قلب (٣) .


(١) كرد المار، وقتل الحية والعقرب، والأخذ بالأذن، والغمز والإشارة، وعقد التسبيح، وغير ذلك، واتفق الأئمة على أنه لا بأس بالعمل اليسير للحاجة فإن احتاج إلى فعل كثير، قطع الصلاة وفعله، قال أحمد: إذا رأى صبيين يتخوف أن يلقى أحدهما صاحبه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما ويعود في صلاته، وقال: إذا لزم رجل رجلا فدخلا المسجد وقد أقيمت الصلاة فإذا سجد الإمام خرج الملزوم فإن للذي كان لزمه أن يخرج في طلبه، يعني ويبتدئ الصلاة، وكذا إن هرب غريمه ونحوه.
(٢) فتبطل إذا كثرت عرفًا وتوالت، لا كقوله.
(٣) ولو طال، لعموم البلوى، ولم يؤمر بالإعادة، وقد دلت النصوص على أن الأجر والثواب مشروط بحضور القلب، ولم تدل على وجوب الإعادة، وحضور القلب فراغه عن غير ما هو ملابس له، وهو هنا العلم بالعمل بالفعل والقول الصادرين عن المصلي، وإذا دفع الخواطر ولم يسترسل معها لم تضره، قال النووي: ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة، يعني قوله: «لا يحدث فيهما نفسه» ، لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر، وعلى العبد الاجتهاد في دفع ما يشتغل القلب من تفكر فيما لا يعنيه، ودفع الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة، ولا نزاع في كراهة التفكير بدنيوي، وكل ما كان مشغلا، ولا ريب أن
العبد كلما أراد توجها إلى الله بقلبه جاء من الوسواس أمور أخرى
فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد الشيطان قطع الطريق عليه، فعلى العبد الاجتهاد في أن يعقل ما يقوله ويفعله، ويتدبر القرآن والذكر والدعاء، ويستحضر أنه مناجٍ لله كأنه يراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>