للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(او انتحب) بأن رفع صوته بالبكاء (من غير خشية الله تعالى) فبان حرفان بطلت، لأنه من جنس كلام الآدميين (١) لكن إن غلب صاحبه لم يضره، لكونه غير داخل في وسعه (٢) وكذا إن كان من خشية الله تعالى (٣) .


(١) لوقوعه على الهجاء، ودلالته على المعنى، وقال أحمد في الأنين إذا كان غالبا: أكرهه ويأتي قوم شيخ الإسلام، إنما حرم الكلام في الصلاة وأمثاله من الألفاظ التي تناول الكلام، والنحيب البكاء أو رفع الصوت به، اسم من باب ضرب، والبكاء بالمد والقصر، يقال: بكى يبكي بكى وبكاء، سال دمعه حزنا فهو باكٍٍ، جمعه بكاة وقيل: البكاء بالمد رفع الصوت، وبالقصر خروج الدموع وتتابعها، والخشية أحد مصادر خشي، قال ابن مالك، خشيت خشيا ومخشاة ومخشية وخشية، وهي أخص من الخوف.
(٢) استدراك من قوله: أو انتخب من غير خشية الله تعالى، وفاقًا للمغني، وقال شيخ الإسلام، فأما ما يغلب على المصلي عن عطاس وبكاء وتثاؤب فالصحيح عند الجمهور أنه لا يبطل، وهو منصوص أحمد وغيره، لأن هذه أمور معتادة، لا يمكنه دفعها وذكر الأدلة ثم قال: «والقول بأنه يبطل تكليف من الأقوال المحدثة، التي لا أصل لها عن السلف.
(٣) أي نفخ أو انتحب أو تأوه أو أنَّ من خشية الله تعالى لم يضره، وفاقًا لمالك وأبي حنيفة لقوله: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} وحديث «في صدره أزير كأزير المرجل من البكاء» رواه أهل السنن، ولأنه يجري مجرى الذكر والدعاء ويقتضي الرهبة من الله تعالى والرغبة إليه، وهذا خوف الله في الصلاة، ولو صرح بمعنى ذلك بأن استجار من النار أو سأل الجنة لم تبطل صلاته، وكان أبو بكر إذا قرأ غلبه البكاء، وعمر يسمح نشيجه من رواء الصفوف لما قرأ (إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله) ، والنشيج رفع الصوت بالبكاء وقال الناظم:

وإن غلط التالي بغير قراءة ... فعفو كلفظ النائم المتهجد

وإن ينتحب من خشية الله قل له ... طفأت لظى وحزت كل التعبد

<<  <  ج: ص:  >  >>