(٢) أي إذا فارق من نوى سفرا مباحا عامر قريته مسافرا، بما يقع عليه اسم المفارقة، بنوع من البعد عرفا، قصر وفاقا للأئمة الثلاثة، وجماهير العلماء من الصحابة ومن بعدهم، وحكاه ابن المنذر وغيره إجماعا لأن الله أباح القصر لمن ضرب في الأرض، وقبل المفارقة لا يكون ضاربا فيها ولا مسافرا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل قال شيخ الإسلام: فيه ما يبين أنه لا اعتبار بمسافة محدودة فإن المسافر في المصر الكبير لو سافر يومين أو ثلاثة لم يكن مسافرا والمسافر عن قرية صغيرة إذا سافر مثل ذلك كان مسافرا، وأن المسافر لا بد أن يسفر أي يخرج إلى الصحراء، وأن لفظ السفر يدل على ذلك، فلا يكون إلا في مكان يسفر عن الأماكن، وقال: لا بد أن يسفر، أي يخرج إلى الصحراء فإن لفظ السفر يدل على ذلك، يقال: سفرت المرأة عن وجهها، إذا كشفته فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مسافرا. (٣) فإن ولي البيوت الخارجة عامرة فحتى يفارقها قال شيخ الإسلام والمدينة كانت محلا أي أمكنه والمحلة القرية ومنزلة القوم وجماعة بيوت الناس. وكل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارا وجمع الناس، وتقع على المدن وغيرها، فإن لم يل الخراب عامر لكن جعل مزارع وبساتين يسكنه أهله، ولو في فصل النزهة فله القصر قبل مفارقته، في ظاهر كلامهم، وصرح به الموفق وغيره فيما إذا خرج من البلد، وصار بين حيطان بساتينه، لأنها غير معدة للسكنى.