بمرارة عن الإهمال الجسيم وسوء استغلال هذه الأموال كما شكى من أن الخطباء والفقهاء الذين لا يعرفون من الفقه والعلم إلّا اسمه كانوا يسجلون كمستفيدين من هذه الأوقاف.
٢ - أوقاف حكميّة، وتشمل أراضى مصر القاهرة وعوائدها مخصصة للإنفاق على مكة والمدينة وأوجه الخير المختلفة ويديرها ناظر أو ناظران تحت إشراف قاضى القضاة، وهنا أيضًا نجد المقريزى يشكو مر الشكوى من سوء حال الأوقاف وإهمالها وبدا ذلك واضحًا فيما يقول فى عهد الملك الناصر فرج (٨٠١ - ٨١٥ هـ/ ١٣٩٨ - ١٤١٢ م).
٣ - أوقاف أهلية، ولكل منها ناظر خاص، وهى الأوقاف التى توقفها الأسر على الخانقات والمدارس والمساجد، وكانت كثيرة فى مصر والشام، وكان بعضها فى الأساس من أراضى الدولة استولى عليها أشخاص أو أسر وجعلوها وقفا، وقد حاول السلطان برقوق (٧٨٤ - ٨٠١ هـ/ ١٣٨٢ - ١٣٩٨ م) مصادرة هذه الأوقاف بالفعل، لكنه تراجع بسبب معارضة الفقهاء، لكن السلاطين بعد برقوق قد صادروها على أية حال. وما جرى فى مصر جرى مثله فى مناطق أخرى فصدر الشريعة الثانى (المتوفى ٧٤٧ هـ/ ١٣٤٦ م) -أى قبل المقريزى بمائة سنة تقريبًا- كان يشكو مر الشكوى من الفقهاء فى بلاد ما وراء النهر لجعلهم الوقف شاغرا أو غير ذى فائدة باستخدام الحيل الفقهية.
وفى التاريخ الحديث ظهرت محاولات كثيرة لإصلاح نظام الأوقاف، فأنشئت وزارة للأوقاف فى تركيا سنة ١٨٤٠ م وقسمت الأوقاف إلى نوعين وقف صحيح وهو الوقف الملك، ووقف غير صحيح وهو القائم على أملاك الدولة (الأراضى الميرية)، وأحيانًا كان الوقف الصحيح يسمى بالوقف المضبوط (المظبوط)، أما النوع الآخر فيسمى ملحوق (ملحقة) وفى ١٩٢٤ م ألغت تركيا وزارة الأوقاف وأوكلت شئونها للمديرية العمومية، وبعد ذلك ظهرت اتجاهات لتأميم الأوقاف (ضمها للدولة) لكنها لم تحسم، ووفقًا لقانون صدر فى ٢٢ فبراير ١٩٢٦ م (رقم