فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، وقد فرق علماء السياسة الشرعية بين الولاية العامة والولاية الخاصة، فللإمام أو الخليفة السلطة العامة، ووفقا لما ذكره الماوردى فإن لحاكم الولاية أيضًا ولاية عامة ولكن فى حدود ولايته (المنطقة التى خول بالحكم فيها)، وكذلك يتمتع الوزير بالولاية العامة فيما يقول الماوردى. ومن ناحية أخرى فإن لقادة الجيوش والقضاة وأئمة الصلوات، وأمراء الحج (رؤساء قوافل الحج) ورؤساء (أصحاب) بيوت المال. . ولاية خاصة، ولا تكون الولاية إلّا لذَكَرٍ بالغ راشد ليس به عيوب خِلْقيه تحول بينه وبين ممارسة شئون الولاية وأن يكون عَدْلا ذا خبرة ودراية بالأمور التى يتولاها، وهناك شروط أخرى فى أحوال خاصة إذ تيقن مثلا أن يكون القاضى حرا.
ثم تحدد مفهوم الولاية بعد ذلك ليعنى شغل منصب، وقد تناول القلقشندى فى كتاب صبح الأعشى (المقالة الخامسة) بالتفصيل أنواع المناصب، ويجدر بنا أن نلاحظ أن قيام الخليفة بتعيين من يخلفه فى الخلافة سمى تعيين "ولى العهد" وكان الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك هو أول من استخدم هذا المصطلح، وأصبح ذلك هو القاعدة فى عهد الدولة العباسية أيضا، وعلى هذا أصبح كل وريث ظاهر للسلطة يسمى وَلِىَّ لعهد.
وفى وقت من الأوقات أطلق لفظ الولاية على المنطقة التى تشملها سلطة الوالى، وعلى هذا فأثناء حكم المماليك فى مصر والشام كان مصطلح ولاية يطلق على أصغر وحدة إدارية، وهى تلك التى كان يرأسها وال برتبة أمير الطبلخانة (راجع صبح الأعشى للقلقشندى) أما فى فارس فقد كانت الولاية تطلق على وحدة إدارية أكبر تنقسم إلى وحدات أصغر، ومنذ القرن السادس عشر أصبح هذا المصطلح يطلق فى الدولة العثمانية على الكيانات الكبيرة التابعة للدولة (مصر مثلا) والتى يحكمها حاكم من رتبة بِكلْر بك ثم سُمى بعد ذلك بالوالى، وكان يطلق على الولاية بالتركية كلمة قريبة هى إيالة.