للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكلمة والى فى الاستخدام العام تعنى الحامى والرفيق والصديق والمحسن (المتبرِّع)، كما يقصد بها -خاصة فى اللغة التركية- الأقارب المقربون. وفى المجال الدينى تعنى الشخص التقى أو الصالح بمعنى أقرب ما يكون لمعنى القديس Saint الذى يستخدمه الأوربيون. والكلمة بمفهومها القرآنى لا تعنى ما يقصده المسلمون بكلمة ولى عندما يطلقونها على شخص ما، فقد ورد اللفظ فى القرآن الكريم بمعنى القريب، وبمعنى أحيّاء {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} سورة يونس ٦٢ ووصف اللَّه سبحانه بأنه {وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} وهذا واضح من الآية ٢٥٧ من سورة البقرة والولى أحد اسماء اللَّه الحسنى. هذا عن الاستخدام القرآنى للكلمة، أما الجرجانى فى كتابه "التعريفات" فيذكر أن الولى هو العارف باللَّه أى الذى يمتلك حسًا صوفيا ووجدا دينيا لدرجة أنه يعرف اللَّه سبحانه بهذا الحس وذلك الوجد، لكن الولى الحقيقى الجدير بهذه الكلمة يُعتقد أنه يمتلك ميزات عدة فهو ليس عبدا عاديا للَّه، فمع أنه قد يكون أعمى وواهنا إلّا أنه يكون قادرًا على الإتيان بالكرامات (صنع المعجزات) (١).

وحسبما يعتقد البعض ففى مقدور الولى أن ينتقل بلا أداة مواصلات إلى مسافات بعيدة ويمكن التحدث بلغات عدة، ويقرأ الأفكار ويتنبأ بما سيكون، وهو قادر على الطيران (بلا طائرة) وذهب هجويرى إلى أبعد من ذلك فقال إن الأولياء يحكمون الكون وببركتهم ينزل الغيث وينمو النبات ويتحقق النصر فى المعارك والولى بهذا المعنى قريب من المفهوم الذى يتحلق حول الزهّاد البراهمه الهنود الذين استطاعوا السيطرة تماما على الطبيعة، والفرق بين الفكرة عند المسلمين وعند البراهمة أن الولى يؤتى هذه القدرات كهبة من اللَّه سبحانه (٢). فيما يرى المسلمون، ويصل


(١) يرفض المسلمون السنّة والمثقفون منهم خاصة هذا الكلام جملة وتفصيلا، وإنما هو من تأثير بعض المعتقدات غير الإسلامية، كل هذا إنما يتحقق وفقا لمعتقدات السنة بإرادة اللَّه الذى يلهم الصالحين بالأخذ بالأسباب [المترجم]
(٢) "لا يُشرك فى حكمه أحدا". [المترجم]