اكتوبر ٦٨٠ م. إنها مأساة كربلاء التى يحيى الشيعة ذكراها بالحزن والبكاء كل عام.
وكانت كراهية المدينة للشام لا تقل عن كراهية أهل الكوفة لها, فقد انتزعت الشام من المدينة مكانتها كعاصمة ولما خلع أهل المدينة طاعة يزيد سنة ٦٣ هـ أرسل إليهم قائده مسلم بن عقبة المرى وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام. وعسكر جيش المرى فى الحرة قبالة المدينة وهى منطقة تغطيها الصخور البركانية، لذا عرفت هذه المعركة بمعركة الحرة وطوق الجيش الأموى المدينة وهاجمها بضراوة فلم تجد التحصينات التى كان أهلها قد أعدوها لمواجهة هذا الهجوم ثم دخلها جيش يزيد واستباحها ثلاثة أيام كأمر يزيد، وفى اليوم التالى جمع المري أهل المدينة لإجبارهم على تقديم البيعة ليزيد، ثم توجه بعد ذلك إلى مكة المكرمة لقمع تمرد ابن الزبير، وفى طريقه إلى مكة اشتد عليه الألم وتفاقم مرضه الذى كان يعانى منه منذ خرج من الشام فمات فى المشلل ودفن هناك وظل الناس يرجمون قبره بالحجارة لفترة طويلة، وخلفه على قيادة جيش يزيد، حسين بن النمير الذى حاصر مكة وفيها ابن الزبير، ورجمها بالحجارة وتسبب فى اشتعال النار فى الكعبة، ولم يؤد ذلك إلى وجل أو خوف من المحاصرين ولم يفكوا حصارهم بل إن هذا الحصار قد استمر لشهرين، وفى هذه الأثناء مات يزيد فى حوارين (من أرض حمص) فى ١١ نوفمبر سنة ٦٨٣ م وعندها عاد حسين بن النمير بجيشه إلى الشام. وكان يزيد شاعرا كما كان مولعا بالموسيقا واللهو، وفى عهده تم إكمال التنظيم الإدارى للشام كما استكمل التحصينات الدفاعية له بإنشائه جند قنسرين فى شمال الشام. وقنسرين هذه كانت أهم بلدان شمال الشام، جنوبى حلب وكانت مركزا لأحد أجناد (المفرد جند) الشام الخمسة وهى اليوم قرية صغيرة. وأعاد يزيد تنظيم مالية الدولة وخفف الجزية على نصارى نجران الذين كان عمر بن الخطاب قد أجبرهم على الرحيل عن شبه الجزيرة العربية لكنه فى الوقت نفسه ألغى الاستثناء الذى كان ممنوحا لأهل سامراء Samaritans مكافأة لهم