أراد: لا أبرح، فحذف لا وهو يريده؛ ثم تُجْمَعُ اليمين أيْمنًا كما قال زهير:
فتُجْعُ أَيْمنٌ مِنًا ومنكُمْ ... بمقُسَمةٍ، تَمُورُ بها الدِّماءُ
ثم يحلفون بأيْمُن اللَّه، فيقولن وأيْمُن للَّه لأفْعَلَن كَذا، وأيْمُن للَّه لا أفعلُ كذا، وأيْمنُك يا رَب، إذا خاطب ربّه، فعلى هذا قال عروة ليَمْنُنُكَ، قال: هذا هو الأصل فى أيْمُن للَّه، ثم كثر فى كلامهم وخفّ على ألسنتهم حتى حذفوا النُّون كما حذفوا من لم يكن فقالوا: لم يَكُ، وكذلك قالوا أيْمُ للَّه؛ قال الجوهرى: وإلى هذا ذهب ابن كيسان وابن درستويه فقالا: ألف أيْمُنٍ ألفُ قطع، وهو جمع يمين، وإنما خففت همزتها وطرحت فى الوصل لكثرة استعمالهم لها؛ قال أبو منصور: لقد أحسن أبو عبيد فى كل ما قال فى هذا القول، إلا أنه لم يفسر قوله أَيمُنك لمَ ضُمَّت النُّون، قال: والعلة فيها كالعلة فى قولهم لعَمْرُك كأنه أُضمرَ فيها يَمين ثان، فقيل وأيْمُنك، فلأَيْمُنك عظيمة، وكذلك لعَمَرْك فلعَمَمْرُك عظيم؛ قال: قال ذلك الأَحمر والفراء. وقال أحمد بن يحيى فى قوله تعالى: للَّه لا إله إلا هو؛ كأنه قال وللَّه الذى لا إله إلا هو ليجمعنكم. وقال غيره: العرب تقول أيْمُ اللَّه وهَيْمُ اللَّه، الأصل أيمنُ اللَّه، وقلبت الهمزة هاء فقيل هَى للَّه، وربما اكتْتَفَوْا بالميم وحذفوا سائر الحروف فقالوا مُ للَّه ليفعلن كذا، وهى لغات كلها، والأَصل يَمين للَّه وأيْمُن للَّه. قال الجوهرى: سميت اليمين بذلك لأَنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يَمينَه على يمين صاحبه، وإن جعلتَ اليمين ظرفًا لم تجمعه؛ لأن الظروف لا تكاد تجمع لأنها جهات وأقطار مختلفة الأَلفاظ، ألا ترى أن قُدآم مُخالف لخلْفَ واليَمين مخالف للشمال؟ وقال بعضهم: قَيل للحَلِف يمين باسم يمين اليد، وكانوا يبسطون أيمانهم