ولما جلت الجيوش الفرنسية عن المدينة نهائيًا فى يونية عام ١٨٠١ عين الصدر الأعظم إبراهيم بك مرة أخرى شيخًا، ولكن سرعان ما ألقى به فى السجن مع سائر أمراء المماليك فى ٢٠ أكتوبر عام ١٨٠١ بأمر الباب العالى الذى رأى الفرصة سانحة للتخلص من نفود المماليك. وأفلح الإنكليز فى إخلاء سبيل المماليك المسجونين، فاستطاع إبراهيم الوصول إلى مصر العليا، ومن هناك أمكنه فى السنوات القليلة التالية أن يتفاوض مرارًا مع والى مصر التركى خسرو باشا. ولما طرد خسرو من مصر وقُتل طاهر باشا رئيس الألبانيين، الذى كان قد حل محل (قائمقام) خسرو باشا، استدعى محمد على إبراهيم بك إلى القاهرة فى أبريل عام ١٨٠٣ ووكل إليه منصب شيخ البلد كى يمنع أحمد باشا الذى عين واليًا على جدة وكان مارا بمصر، من تثبيت قدمه فيها. ولم يكن نفوذ إبراهيم المسن فى الواقع عظيما، ولا شك أنه لاحظ أنه كان آلة فى يد محمد على. وعلى أى حال فقد أخذ شك إبراهيم فيه يزداد منذ دلك العهد. والراجح أنه فطن إلى سياسة محمد على الذى كان يرمى إلى استغلال المماليك عند الحاجة، كما كان يحرص على ألا تزداد قوتهم وأن يبذر بينهم بذور الشقاق. ولقد حاول محمد على أن يضرب إبراهيم، وعثمان البرديسى خليفة مراد، الضربة القاضية فى ١٣ مارس عام ١٨٠٤، إلا أنه فشل من حيث أن الاثنين تخلصا من السجن وهربا. ولم يعد إبراهيم بعد ذلك إلى القاهرة. وفى أثناء مذبحة المماليك فى ١٨ - ١٩ أغسطس عام ١٨٠٥ كان إبراهيم فى طرة مع ولده مرزوق وهنا كبد جند محمد على خسائر فادحة. وفشلت محاولته فى توحيد صفوف المماليك ليواجهوا محمدا عليا مجتمعين، لما كان بينهم من الشقاق ولمهارة محمد على فى أن يكتسب بعض ذوى النفوذ من المماليك إلى جانبه بمداهنتهم ومنحهم مناصب الشرف. ولقد رفض إبراهيم محاولة محمد على الصلح فى عام ١٨٠٩ م محتجا بكثرة ما سفك بينهما من دماء. واستطاع المماليك بفضل مجهود إبراهيم أن يكونوا قوة (١٨١٠ م) لم يجسر محمد على على مواجهتها صراحة، ولكنه