(وفقا للتقدير الشائع عام ٥٤٢ م. ووفقا لتقدير كليزر يحتمل أن يكون عام ٥٣٩ م) ومن بينها وفود الدولتين المتنافستين بوزنطة وفارس. ولما نشبت الحرب الكبرى بين هاتين الدولتين المتنافستين عام ٥٤٠ م لم يشترك أبرهة فيها بادئ الأْمر رغم ما بذله إمبراطور بوزنظة من جهد فى كسبه إلى جانبه. ولم يقتنع أبرهة بذلك إلا متأخرا فاكتفى بالقيام بهجمة على الفرس، إلا اْنه سرعان ما تخلى عن ذلك كما يقول بروكوبيوس. ونستطيع أن نجد صلة بين هذه الحرب التى لا يمكن أن تكون قد وقعت قبل عام ٥٧٠ م وبين تلك القصص العربية التى تعتمد على القرآن (سورة الفيل) وتشير إلى حملة أبرهة الفاشلة على مكة والكعبة. وإلى جانب هذا النسيج من القصص المعتمد على القرآن، رواية ضعيفة مؤداها أن وباء الجدرى كان قد انتشر فى ذلك الوقت، ويمكن الافتراض بأن هذا الوباء كان سببا فى تقهقر أبرهة أو على الأقل كان ذريعة له إلى العدول عن تلك الغزوة الشاقة. وعام هذا الحادث الذى يعرف "بعام الفيل" نسبة إلى الفيلة التى استخدمها أبرهة هو عام ٥٧٠ م كما تقول المصادر المتأخرة، ويعد هذا العام فى القول الشائع عام مولد النبى، إلا أن نولدكه Noldeke قد اعترض بحق على ما تقدم: لأننا لو قبلنا ذلك لما كانت هناك بين حملة أبرهة على مكة وغزو الفرس لبلاد العرب الجنوبية عام ٥٧٠ م فسحة من الوقت يحكم فيها أبرهة وأولاده. وقد ذهب فلهوزن Wellhausen إلى أن ما يروى عن حملة "تُبَّع" على المدينة لم يكن فى الواقع إلا مرحلة أولى من مراحل حملة أبرهة المشار إليها. وتؤيد النقوش التى تقدم ذكرها والتى تبتدئ بصلاة للثالوث ما قاله مؤرخو اليونان وما ورد فى القصص العربية من أن أبرهة كان نصرانيا. وكنيسة مأرب التى ذكر تدشينها فى تلك النقوش كانت تضارع الكنيسة التى شيدها أبرهة فى صنعاء، تلك الكنيسة التى لابد أنها كانت بناء لا نظير له كما يقول العرب.