ذكراً للأعمال السحرية (كالسحر للاستسقاء - انظر القصيدة الرابعة والثلاثين قرب آخرها).
والآراء الدينية ومعالجة هذه الموضوعات فى كلام أمية مطابقة لما جاء فى القرآن إلى حد كبير. ويكاد الاتفاق يقع كلمة كلمة فى كثير من الأقوال (انظر أبحاث Frank-Kamentzky)، ولهذا أثيرت بالطبع مسألة اعتماد أحد القولين على الآخر فيذهب إيوار Huart إلى أن أشعار أمية بن أبى الصلت التى تتضمن قصصاً من قصص التوراة مذكورة عند المقدسى فى "كتاب البدء" -وهو الكتاب الذى نسب خطأ إلى البلخى - هى من المصادر الصحيحة التى استمد منها القرآن رأساً. على أن صحة نسبة هذه القصائد إلى أمية أمر مشكوك فيه، شأن أشعاره فى ذلك شأن الشعر العربى القديم بوجه عام. ولكن لا توجد أسباب قوية تدعو إلى الشك فى نسبة مجموع القصائد التى تناقلها الرواة منسوبة إلى أمية، اللهم إلا القصائد التى أضيفت اليها فى العصر الإسلامى، والتى تروع الإنسان بما فيها من محاباة (كالقصيدة الثالثة والعشرين فى مدح محمد) وقصائد أخرى فطن الرواة إلى أنها غير صحيحة النسبة إليه.
أما القول بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد اقتبس شيئاً من قصائد أمية فهو زعم بعيد الاحتمال، لسبب بسيط هو أن أمية كان على معرفة أوسع بالأساطير التى نحن بصددها كما كانت أساطيره تختلف فى تفصيلاتها عما ورد فى القرآن، وفى هذا حجة أيضاً على أن أمية لم يقتبس شيئاً من القرآن الكريم وإن كان هذا غير مستحيل من الوجهة التاريخية؛ فقد ورد فى إحدى الروايات (الأغانى، جـ ٣، ص ١٨٧ س ١٠) أن أمية كان أول من قرأ كتاب الله. ويمكن أن نعلل مشابهة قصائد أمية لما جاء فى القرآن بحقيقة لا تحتمل شكا: هى أنه فى أيام البعثة المحمدية، وقبلها بقليل من الزمان، انتشرت نزعات فكرية شبيهة بآراء الحنيفية، واستهوت الكثيرين من أهل الحضر، وخصوصاً فى مكة والطائف، وكانت تغذيها وتنشطها تفاسير اليهود للتوراة،