الأندلس. ثم إنه لم يجد مشقة فى كسب تأييد أتباع بنى أمية الذين جاءوا قبله ببضع سنين مع بلج بن بشر وكان عددهم يقرب من الخمسمائة انتشروا بين الجند فى البيرة وجيان جنوبى شرق الأندلس. وكان حاكم بلاد الأندلس فى ذلك الحين يوسف بن عبد الرحمن الفهرى، الذى كان يستمد سلطانه من زعيم بنى قيس فى الأندلس وهو الصَّميل الكلابى.
ولما رأى عبد الرحمن أن الوقت قد تهيأ لأن يدخل بلاد الأندلس مطالبًا بالحق فى الملك، غادر المغرب ونزل فى المنُكبَّ " Alminecar" فى ربيع الثانى عام ١٣٨ هـ (سبتمبر عام ٧٥٥) ولقى من الترحيب فوق ما كان يرجو، ووقف لمناهضة يوسف الفهرى. وبعد اجتماعات وحروب ومفاوضات -يستطيع القاريء أن يرجع إلى تفاصيلها فى كتب مؤرخى العرب- نودى بعبدالرحمن أميرًا فى العاشر من ذى الحجة عام ١٣٨ (١٥ مايو سنة ٧٥٦) فى مدينة قرطبة وهى المقر القديم لحكام العرب.
وحكم عبد الرحمن مؤسس الإمارة الأموية فى قرطبة مدة تزيد على ثلاثة وثلاثين عامًا، قضى أول هذه المدة فى توطيد مركزه فى العاصمة. وذاعت أخبار نجاحه فى بلاد المشرق كلها، فأتى إلى بلاد الأندلس سيل متدفق من أتباع الأمويين وأنصارهم ليقوموا بنصيبهم فى إعادة دولة بنى أمية فى الأندلس بعد أن سقطت فى الشام. ولكن سرعان ما نشأت اضطرابات سياسية كان لابد لأمير قرطبة من التغلب عليها، فكان عليه أولا أن يخضع يوسف الفهرى الذى لم يرضى بالهزيمة فحاول أن يستولى على قرطبة بعد أن جمع حوله فئة من الأتباع، ولكنه هزم ١٤١ هـ (٧٥٨ م) وقتل فى العام التالى فى إقليم طليطلة.
وظلت الفتن تنتشر فى كل نواحى الأندلس من وراء ستار، كما كانت الحال أيام الولاة. وكانت الاضطرابات تنشأ باستمرار يوقظها طوائف المولدين من الأسيان الذين دخلوا فى الإسلام حديثا. وفوق هذا كان البربر والعرب لا يلقون سلاحهم بسبب الأحقاد القبلية، فكان لابد لعبد الرحمن من أن يخمد