للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجماعات المسيحية المناوئة له- أن يتغلب على ثورات جديدة قام بها المولدون، فكان لابد له من أن يستعيد ماردة وطليطلة بالقوة.

وفى عهده أيضًا ظهر فى الأندلس لأول مرة النورمانديون الذين يسميهم المسلمون "المجوس". وفى عام ٢٣٠ هـ (٨٤٤ م) استولى غزاة النورمانديين على إشبيلية، وعقدت هدنة بين قائدهم وبين أمير قرطبة الذى أرسل إليهم سفيرًا هو يحيى بن الحكم الغزّال.

ولما مات عبد الرحمن الثانى عام ٢٣٨ هـ (٨٥٢ م) خلفه على عرش قرطبة ابنه محمد الأول، فحكم إلى عام ٢٧٣ هـ (٨٨٦ م)، وامتاز عهده بثورات داخلية متوالية كانت تزداد رغم قسوته؛ فقام المستعربون بثورة عند توليه الملك. وبدأ الأمير يضطهد الطوائف المسيحية فاستغاث مسيحيو طليطلة بليو أوردونيو الأول " Leo Ordono" فسير إليهم جيشًا على رأسه الكونت بيرزو " Bierz" وقطعت جنود المسلمين عليه الطريق عام ٢٤٠ هـ (٨٥٤ م) فى موقعة وادى سليط.

ولم تقف ثورات المسيحيين إلا عام ٢٤٥ هـ (٨٥٩ م) وبعد موت إيولوجيو وليوقريطيا " Leocritia". ولكن زادت القلاقل السياسية فى إمارة قرطبة، وأخذت حركات العصيان تظهر شيئاً فشيئا فى جميع الولايات التى كانت خاضعة نظريًا لقرطبة. وكان يقود هذه الحركات المولدون الذين ظهروا فى ثوب حكام مستقلين وأبطال قوميين. وظل أمراء قرطبة مشغولين حتى أول القرن العاشر بثورات أشراف المولدين وبدعاوى البيوتات العربية الكبيرة بعد ذلك.

وفى عهد محمد الأول بدأت ثورة طويلة الأجل فى جنوب غربى الأندلس كان على رأسها زعيم مستقل هو عمر ابن حفصون. وسرعان ما صار له السلطان المطلق على جميع البلاد الجبلية التى تقع بين رُنْدَة " Ronda" ومالقة. وأنشأ مقرًا له فى قلعة بباشتر " Bobastro" الحصينة، وظل ينازع الحكومة الإسلامية المركزية إلا فى فترات هدنة قصيرة. وسرعان ما اعترف الثائرون فى كل بلاد الأندلس أنه زعيمهم غير مدافع.