القدماء، بل وفى محو آثارها؛ فمثلًا نجد الخليفة فى ٣٢٧ هـ (٩٣٩ م) يسند قيادة حملة حربية هامة إلى"نجدة الصقلبى". ولكنه ندم على ذلك فيما بعد؛ لأن جنود المسلمين فى هذه المرة ذاقت أول نكبة إبان حكمه: هزمهم أهل ليون وحلفاؤهم أهل نبارة بقيادة رميرو الثاني، وكان ذلك فى شنت مانكس والخندق. ومن ذلك الحين كانت سياسة الناصر إزاء الممالك المسيحية مقصورة على انتهاز كل فرصة ممكنة، سياسة منطوية على اليقظة والحذر.
ثم نشبت الحرب الأهلية فى شمالى أسبانيا بسبب الحقد المتأصل بين رميرو الثاني وفرنان أمير قشتالة. ولما مات ملك ليون اقتلر ولداه - أوردونيو Ordono الثالث وسانخو sancho - على الملك. ولكى يتفرغ أولهما للتغلب على أخيه الذى كانت تؤيده قشتالة، عقد مع عبد الرحمن معاهدة سلام فى صالح الخليفة، وتعهد بأن يدفع له جزية منتظمة. ولما مات أوردونيو الثالث عام ٩٥٥ هـ خلفه سانخو. ونظرًا لكراهية الأشراف له وهزيمته أمام جيوش الخليفة، اضطر إلى أن يلجا إلى بمبلونة مع توتا ملكة نبارة العجوز. وبعد ذلك لجأ إلى عبد الرحمن الناصر ليساعده على استعادة مملكته التى استولى عليها أوردونيو الرابع، فبدأت المفاوضات وأتى سانخو وتوتا إلى قرطبة يطلبان العون من الخليفة، واضطر ملك ليون أن ينزل عن عشر قلاع فى مقابل إمداد الخليفة له بجنود ساعدته على أخذ سمورة عام ٩٥٩ م، أوبيط Oviedo فى السنة التالية.
على أن خطر الفاطميين الذى كان يهدد الأندلس لم تختف كل معالمه؛ ففى عا م ٣٤٣ هـ (٩٥٤ م) أرسل الخليفة الفاطمى المعز وإليه على صقلية ليغير على ثغور الأندلس. وأجاب الناصر على ذلك بأن أمَّر"غالبا" -وهو واحد من أنصاره المخلصين- على أسطول يتألف من سبعين سفينة، سارت وأحرقت مرسى الخرز، قرب القلعة على ساحل إفريقية الشمالية.
ومات عبد الرحمن الثالث الناصر فى اليوم الثاني من رمضان عام. ٣٥٠ هـ (١٥ مايو ٩٦١ م) وكان فى الثالثة والسبعين من عمره.