الجديد على قلعة رباح Calatrava ووادى الحجارة، وحاولوا عبثًا فى مدينة سالم أن يضموا القائد "واضحًا" إلى حركتهم، ولكنهم لجئوا إلى أهل قشتالة وأفلحوا فى استمالتهم، ثم عادوا إلى قرطبة بعد أن أمدهم أهل قشتالة بالقوة والمؤونة. وعجز المهدى عن صد زحفهم فوقعت العاصمة فى أيديهم، وقام زعيم صنهاجة زاوى بن زيرى بإجلاس سليمان المستعين على عرش الخلافة.
على أن المهدى لم يعترف بالهزيمة، فاستعان بواضح وبكونت ريموند حاكم برشلونة والكونت أرمنجود حاكم أرجيل، وأغار على سليمان المستعين وأنصاره من البربر فى عقبة البقر جنوبى قرطبة، فأخذ عليهم السبل، وعاد ظافرًا إلى العاصمة بعد أن نهبها أهل قطالونية، ولكن البربر جمعوا شملهم واستولوا على ما بين البحر المتوسط ونهر الوادى الكبير. وعذب أهل قرطبة وما حولها.
وأمام هذه الحوادث ألقى أهل قرطبة على خليفتهم المهدى تبعة الشرور التى حلت بهم، بعد أن صار ضعفه واضحًا لهم، فدبرت مؤامرة ذبح المهدى فيها، وأعيد هشام الثانى إلى العرش (ذو الحجة سنة ٤٠٠ = يولية سنة ١٠١٠).
وكان أول ما عني به هشام بعد عودته إلى الملك هو أن يعين واضحًا كبيرًا لوزرائه وأن يصالح البربر، فأبى هؤلاء وعادوا إلى حصار قرطبة، وظلت الحال على ذلك إلى عام ١٠١٣ م. وقد خلف لنا مؤرخو العرب تفاصيل وافية عن المؤامرات التى حيكت شباكها فى قرطبة، كما خلفوا لنا قصصًا كثيرة عن المحاصرين. واضطر أهل قرطبة آخر الأمر إلى التسلم، وأرغمهم البربر على تجديد يمين البيعة لسليمان المستعين.
عين سليمان البربر فى مناصب الحجاب والوزراء، وأصاب أهل قرطبة اضطهاد لم يسبق له مثيل، وذهب آخر من نجا من الصقالبة الذين كانوا أيام بنى عامر إلى اللحاق بأقربائهم فى شرقى بلاد الأندلس. واتفق أهل قرطبة