تكيف بقصص أولئك الذين سماهم محمد "الحنيفيين" وقيل إنهم كانوا على دين إبراهيم. وهذا الموضوع ليس إلا مسألة فرعية من المسألة العامة الخاصة بأصل الإسلام ومصادره.
وكان الشعر أيضًا وسيلة من الوسائل التى انتقلت بها آراء النصارى إلى المسلمين. فعند ظهور الإسلام كان الشعراء يترددون على الحيرة، وكانت تربطهم بنصارى العرب خير الصلات، فنقبوا إلى بلاد العرب ما سمعوه من القصص فى حانات الحيرة. نذكر من هؤلاء: زيد بن عمرو بن نفيل وأمية بن أبي الصلت الذى كان واسع العلم بالقصص اليهودى أيضًا (٤).
وظل الشعر أمدًا طويلًا همزة الوصل بين المسلمين والنصارى. ولسنا نجهل الحفاوة التى قوبل بها الأخطل الشاعر النصراني فى بلاط الأمويين.
وكان الطب وأعمال الحكومة من الوسائل التى وثقت الصلات بين المسلمين والنصارى. وحسبنا أن نذكر هنا اسم سرجيوس منصور الذى كان كاتبًا لأربعة من الخلفاء، وهو أبو يوحنا الدِّمشقيّ، وكذلك كتاب النصارى الذين استخدمهم حكام المسلمين، وظلوا كذلك إلى أن منعهم الوليد بن عبد الملك من الكتابة باليونانية. ولنعد الآن إلى ما كنا بسبيله من كلام عن القرآن.
يرد كثيرًا فى القرآن ذكر عيسى ومريم والإنجيل؛ ومحمد [- صلى الله عليه وسلم -] يعرف الفرق الجوهرى بين الإنجيل والقرآن فى مسائل الأخلاق، وبخاصة فى الرأفة والرحمة (انظر سورة الحديد، آية ٢٧). وعنده فكرة ما عن التشبيه الخاص بالزارع الذى يبذر البذور (٥)(سورة الفتح، آية ٢٩)، وعما جاء فيه من الوعد بإرسال رسول آخر (انظر سورة الأعراف، آية ١٥٧، وإنجيل يوحنا، الإصحاح السادس عشر، فقرة ٧)، وأن الإنجيل جاء مصدقا للتوراة (انظر سورة المائدة، آية ٤٦). وذكر من معجزات عيسى إبراءه للأعمى والأبرص وبعثه للموتى. والأخبار الإنجيلية التى يظهر أنها كانت أكثر شيوعًا فى البيئة التى شب فيها النبى هى الروايات الخاصة بالبشارة (٦). وجاء فى القرآن أن