للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القطع، وقد جعله فى صورة أقل من الصورة التى نجدها له فى الإنجيل، فهو فى القرآن لا يعدو أن يكون نبيًا صالحًا. على أن محمدًا لم يجرده من اسم "المسيح" (سورة النساء، آية ١٧١ - ١٧٢) , ولم يرد فى القرآن ذكر للشخصيات الأخرى التى جاءت فى العهد الجديد اللهم إلا يحيى [يوحنا المعمدان] وزكريا.

ونجد أن كثيرًا من مؤرخى المسلمين كانوا على علم واسع بالأناجيل. فقد ذكر اليعقوبى شيخ مؤرخى العرب فقرات من الأناجيل فى كتابه. ولم يخف المسعودى -الذى كان شغوفا بالبحث والتنقيب- صلته بالنصارى، وهو يروي لنا أنه زار فى الناصرة كنيسة يقدسها النصارى حيث أخذ عنهم كثيرًا من القصص الواردة فى الإنجيل.

وكان المسعودى يعرف شيئًا عن ميلاد المسيح فى بيت لحم، وطفولته فى الناصرة، وما جاء فى إنجيل متى (الإصحاح الثالث، فقرة ١٧) من أن صوتا من السموات كان يقول "هذا هو ابنى الحبيب". وقد ذكر هذه الرواية فى شئ من الاختلاف. وسمع كذلك قصة زيارة المجوس للمسيح عندما كان طفلا كما وردت فى الإنجيل وغيره من المصادر. وأورد قصة دعوة الحواريين كما هى، وذكر أسماء أصحاب الأناجيل الأربعة وتحدث عن هذه الأناجيل كأنه رآها وذكر خلاصة دقيقة لها.

ومع هذا فإن المسعودى يشك بعض الشك فى هذه الأناجيل بينما يتحدث عنها القرآن فى احترام عميق. وكان المسعودى كذلك محيطا كل الإحاطة بسيرة الحواريين، وذكر مرتين استشهاد القديس بطرس والقديس بولس، ولكنه ذكر أن بولس استشهد على نحو لم يستشهد عليه إلا بطرس وحده. ويقول المسعودى إن القديس توما كان الحوارى الذى ذهب إلى الهند. ويظهر أن المسلمين كانوا يعرفون توما أكثر من غيره من الحواريين ما عدا بطرس. وعلمهم بالقديس بولس نفسه أقل من علمهم بسيرة بطرس (٩).

أما البيرونى فكان أكثر معرفة من المسعودى. وقد أخذ عن النساطرة عندما صنف كتابه "الآثار الباقية عن القرون الخالية". وكان يعرف كثيرًا من