الكلام ولا إلام يشير من مواضع الأسفار التى يسمونها الأناجيل. وأما الآية التى أشار إليها فنصها:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}. والشطء -بفتح الشين وإسكان الطاء، وبفتح الطاء أيضًا مع المد وبدون المد: هو فراخ السنبلة أو النخلة التى تنبت حول الأصل.
(١) هذا الكلام مبهم وغير محدود المعنى، إنما هو ادعاء أن هناك أشياء من الإنجيل كانت شائعة فى العصر الذى نشأ فيه النبى [- صلى الله عليه وسلم -] ولن يستطيع الكاتب ولا غيره أن يقيم أى برهان تاريخى يؤيد هذا الذى يدعيه.
ثم ماذا يريد بالأخبار الخاصة بالبشارة؟ أيريد بها بشارة المسيح عليه السلام بمحمد [- صلى الله عليه وسلم -]؟ ! أم يريد شيئًا آخر عجز عن الإفصاح عنه؟ ! اللهم غفرا.
(٧) ليس فى القرآن الكريم تسمية المسيح عليه السلام بآدم الثانى، ولا ما يقرب من هذا المعنى. ويظهر أن الكاتب لم يفهم معنى الآية التى يشير إليها، ونصها:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. فهذا تشبيه عيسى بآدم فى بدء خلق كل منهما، إذ خلق آدم من غير أبى ولا أم، وخلق عيسى من غير أب وإن كان له أم. فعيسى يشبه آدم من وجه دون وجه فى هذا المعنى، ولا يكون ذلك إشارة إلى تسميته "آدم الثانى" ولا مسوغا لها.
وإنما الآية جاءت فى الرد على النصارى الذين غلوا فى عيسى وادعوا أنه ابن الله، وجعلوا له شيئًا من صفات الألوهية، وغلوا فى دينهم كما قال الله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ