للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت هناك مساحات شاسعة من البلاد وبخاصة في أندلوسيا وإقليم الشرف تغطيها أشجار الزيتون، وكانت صناعة زيت الزيتون دائمًا رائجة هناك. وكانت طرق استخلاصه بدائية، بيد أن كميات الزيت المنتجة كانت تزيد أحيانًا عن حاجات النَّاس هناك، فيصدر الفائض منه إلى بقية أنحاء العالم الإسلامي.

ويبدو أن زراعة الكروم، مثل سائر أشكال الزراعة البعلية، كانت تمارس على نطاق واسع. وكانت الأعناب تستخدم في الطهي، وكانت السلطات فوق ذلك تسمح في الواقع بشرب النبيذ، وكان بيعه منظمًا.

ومهما يكن من أمر فإن الأندلسيين سرعان ما حققوا لأنفسهم تفوقًا لا نظير له في مجال المحاصيل التي تحتاج إلى ري مناسب، على الرغم من أنَّه لا يمكن أن ينسب إليهم فضل اختراع نظام الري الذي استخدموه، وخاصة في شرقي الأندلس، والذي لا يزال قائمًا دون أن يلحقه تعديل جوهري. وأبسط شكل للري هو ذلك الذي يتم بمساعدة شبكة من قنوات الري (ساقية، وبالأسبانية acequia) التي تتشابك في السهول الساحلية في إقليمي مرسية وبلنسية والتي يعتمد تدفق المياه فيها تمامًا على الاختلافات في مستوى الارتفاع. وكانت حقوق الماء يحددها العرف طبقًا لشريعة لها طبيعة أبوية، ولا تزال سارية حتَّى اليوم. ولم يكن من الميسور القيام بالري في الأراضي الأكثر ارتفاعًا, وفي وديان الأنهار مثل وادي آنا ووادي تاجه ووادي إبره، إلَّا بمساعدة آلات رفع الماء التي كانت تسمى بحسب طرازها ووظيفتها باسم "ناعورة" (noria بالأسبانية والفرنسية) أو سانية (acena بالأسبانية). وكان هذا الري يستخدم في زراعة الخضر وغرس الأشجار، ويتبارى الجغرافيون في الإشادة بفواكه الأندلس: الكرز والتفاح والكمثرى واللوز والرمان، وخصوصًا التين الذي اشتهرت منه أنواع عديدة في أسبانيا وفي بعض المناطق الساحلية الضيقة المستورة سترا يفوق العادة، كان من الممكن تنمية محاصيل من النوع الذي يزرع في المناطق الحارة