يتميز تاريخ أسبانيا في القرن الحادي عشر الميلادي بالجهود القوية التي بذلت لإعادة الغزو، تلك الجهود التي استنهضها ملوك مسيحيون من ذوي الهمة والقدرة، كانوا يدركون يومًا بعد يوم الضرورة الملحة لإعادة توطيد الموحدة القومية على حساب الإِسلام. وتاريخ ما حدث في "خل الممالك التي نشأت عن تقطيع أوصال الخلافة الأندلسية تاريخ يبعث بخاصة على الضمير ويفتقر إلى الأهمية. وهو، كما صوره الإخباريون، يرسم صورة للشعب المستمر، من مصالح متعارضة إلى منافسات ومنازعات دائمة ليس من الممكن دائمًا العثور على خيط نهتدى به في خضمها. والحق إن الجماعات الشعوبية التي تنتمي إليها الأسرات الحاكمة، والتي بقيت بعد غيرها من الجماعات التي استوعبها خصومها الأقوياء، قد احتدم الخلاف بين بعضها البعض، فحارب الأندلسيون البربر، وحارب الصقالبة الطائفتين معًا. ولم يمض وقت طويل حتى تبدد الأمل في استعادة الخلافة، وأثار الضعف المتزايد لكل دويلة من هذه الدويلات شهوة الملوك المسيحيين الذين كانوا يتقاضون منها جزية باهظة، وانتهج هذه السياسة بصفة خاصة الملك ألفونسو السادس الذي نجح بحيلة السياسي البارع في احتلال طليطلة دون إراقة دماء (سنة ١٠٨٥ م) وفي أن يقيم من نفسم حكما يفض المنازعات بين ملوك الطوائف.
واستفحل الخطر فاضطر ملوك الطوائف، راغبين أو كارهين، إلى طلب المساعدة من المرابطين. وجاءت لحظة التحول الحاسمة بتدخل جيوش شمالي إفريقية بقيادة الأمير يوسف بن تاشفين الذي هزم قوات ألفونسو السادس في موقعة الزلاقة يوم ٢٢ رجب عام ٤٧٩ هـ (٢ نوفمبر سنة ١٠٨٦ م). ولم تكن ثمة متابعة لهذا النصر، إذ سرعان ما سئم يوسف بن