للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثمة مبرر للافتراض بأن العربية الأندلسية لا بد أن تكون قد خرجت من عداد اللغات الحية حوالي نهاية القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) ولعل تاريخ زوالها يختلف باختلاف الولايات. وعلى أية حال فإن العرب الأندلسيين الذين أخرجوا من أسبانيا ووصلوا إلى تونس ومراكش حوالي عام ١٦١٠ كفوا، فيما يبدو، عن الحديث باللغة العربية وأخذوا يتحدثون باللغة الأسبانية. ومن ثم تكون الفترة التي كان الناس فيها يتحدثون بالعربية في شبه جزيرة إيبيريا قد استمرت ثمانية قرون. وهذه المدة الطويلة، مع تقسيم البلاد إلى وحدات طبيعية وسياسية منفصلة، إلى جانب اختلاف طبائع السكان العرب، كل هذا كان حريًا فيما يبدو أن يساعد على تكوين لهجات عربية قائمة بذاتها كما حدث داخل إطار اللغة الرومانية، ولكن الظاهر أن هذا لم يحدث. حقًّا إن الوثائق التي في حوزتنا متباينة من حيث الزمن والمكان، وهي لهذا تقف حجر عشرة في طريق عقد أي مقارنة تستحق الجهد. وليس في الإمكان القيام بأكثر من محاولة التمييز بين لهجات الجنوب (إشبيلية وقرطبة وغرناطة) ولهجات الشرق (بلنسية ومرسية) ولهجات الثغور (أراغون). وليس في حوزتنا فيما يختص بطليطلة إلا وثائق تسجيلية مدبجة في صيغة متخلفة أشد التخلف من اللغة الفصحى.

وصفوة القول أن العربية الأندلسية، بقدر ما نستطيع أن نقول، قد احتفظت فيما يظهر بدرجة عالية من التجانس. ولكن يجب ألا ننسى أن وثائقنا الوحيدة ترتبط بلهجات أهالي المدن، ومن المحتمل أن اللهجات الريفية -التي يتحدثها الناس الذين كانوا أقل نزوعا إلى التنقل من سكان المدن- قد تكون أكثر تفاوتا.

وعلى الرغم من أن العربية الأندلسية قد اندثرت حوالي نهاية القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) من حيث هي لغة حديث، فإنها بقيت في القصائد التي لا تزال