للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فكان مما قال: "يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ " فكلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمّن. ونقل ابن إسحاق وغيره: أن آية آل عمران نزلت في شأن الأوس والخزرج، وأنهم كاد يثور بينهم القتال بدسيسة من بعض اليهود، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يسكنهم ويقول: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ "، وتلا عليهم هذه الآية، فندموا على ما كان منهم واصطلحوا وتعانقوا وألقوا السلاح رضي الله عنهم، انظر تفسير ابن كثير (جـ ٢، ص ٢٠٠ - ٢٠٨) فهذا الذي يشير إليه كاتب المادة، وهو حادث بسيط لا أثر له في إثارة الإحن السابقة، والأحقاد الماضية، بعد الإخاء والصفاء، ولكنه ابتلاء واختبار، ثبت الله فيه قلوبهم على الإيمان والألفة والمحبة، وكان سببا في نزع ما لعله بقى في نفوس بعض الأفراد من الشحناء والبغضاء، رضي الله عنهم.

(٥) هذا كلام ليس فيه شيء من التحقيق العلمي، ولا هو مما يوافق أدب التحدث عن الأنبياء. فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله، وأرجاهم له، وأشدهم خشية لله، واعتمادا عليه، ولا يعتمد إلا على الله، ولا يرجو النصر إلا من عنده سبحانه وتعالى، وليس في شيء من الصدق أن الأنصار لم يجاهدوا، فإن كل الروايات متضافرة على خلاف هذه الدعوى الباطلة:

فروى ابن إسحاق في شأن غزوة بدر: أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس فأشار عليه كثير من المهاجرين بلقاء قريش وقتالهم، وقال ابن إسحاق: "ثم قال رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -]: اشيروا علي أيها الناس، وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا بُرءَاءُ من ذمامك حتى تصل إلى