ألحقت به الهزيمة ففر إلى الأراضي الألمانية. وكان مكدونالد مشتغلًا في ذلك العين في السكك الحديدية هناك فعُهد إليه أن يمسح بلادا جديدة لم تكشف بعد قرب بحيرة رودلف، فاحتاج إلى حامية كبيرة، ولذلك أرسلت إليه الجنود السودانية التي كانت مشتغلة بالقتال المستمر في بقاع مختلفة. وخفضت أعطيات الجنود وساءت حالتهم النفسية، فانتهز فريق منهم الفرصة وجاهر بالعصيان. وأرسلت الرسل إلى باغندة الإِسلامية وبذلت المساعى لتحريض زعيمها مبوجو على الانضمام إلى الثائرين الذين قد يولونه العرش، ولكن مبوجو رفض هذا التحريض وظل مخلصا لبريطانيا بالرغم من عقيدته الدينية. ولم يكن رفضه قائما على عدم الرغبة في الانضمام إلى الثوار فحسب، بل كان يعلم أيضًا أنه لن يتولى العرش لكونه، وفقا لعادات قومه، الابن الأكبر للملك السابق. وتحرجت الأمور بانضمام موانجا إلى "كبريجا" ملك بنيورو في محاولته طرد الإنكليز من البلاد أثناء قيام الجنود بالعصيان، وانتهى الأمر بإخماد الفتنة والقبض على هذين الملكين ونفيهما إلى سيشل. وتمتعت البلاد منذ عام ١٨٩٩ بسلام دائم. وفي الحق أن قصة بوغندة وما أحاط بها من مشكلات هي قصة أوغندة بأسرها. ومن أقليم بوغندة أخذ الإنكليز يدخلون القبائل الأخرى في طاعتهم، إما بإظهار سلطانهم الحربي وإرسال الحملات الصغيرة لاخضاعها حينا، وإما بالتوغل السلمى في معظم الأحيان.
دخل الإِسلام بلاد أوغندة من الشاطئ الشرقي ومن الشمال بعد توغل العرب فيها من الساحل الشرقي، وكانت لهم الغلبة عند وصول سبيك إلى بلاط متيسه، وتمكن قوم باغندة- وهم جنس ذكى ناشط اتخذ له لونا من ألوان الحكم بفضل البنادق التي أخذوها من العرب في مقابل العبيد والعاج- من السيطرة على القبائل المجاورة، وطمحوا أيضًا إلى أن يتعلموا من العرب سر الكتابة لأنهم أدركوا مقدار ما يصيبونه من قوة بمقتضى هذا التعلم. ورفض العرب بادئ الأمر إجابتهم إلى ما طلبوا