وكان جلال نوري نائبا عن غاليبولى في البرلمان العثمانى، وانتخب أربع مرات في المجلس الوطني الكبير، وقد أصبح بفضل معرفته القانونية الواسعة وخبرته بالثقافتين الشرقية والغربية من ألزم المستشارين للحكومة الوطنية الجديدة في أنقرة؛ وكان كاتبا أمينا مستقيم القصد، ثابتا على مبادئه في كل الأحوال مناصرا لمذهب الأحرار والحكومة الأمينة، وقد أسفر نقده الشديد -في صحيفته اليومية إيلرى التي كانت تصدر في إستانبول - للحكم المطلق ومساوئه ودفاعه بأن نظام الحزب الواحد لا يتفق والديمقراطية، عن مجادلات عنيفة في الصحافة؛ وقد عمد بعض المتطرفين من معضدى الحكومة، وبخاصة أغا أوغلى أحمد ويونس نادى إلى مهاجمته بشدة في الصحف الحكومية؛ وذهب قلج على، وهو عضو من أعضاء البرلمان، وكان اسمه قد نشر في قائمة شملت النواب والموظفين المتهمين بإساءة استخدام السلطة، إلى مكتب جلال نوري واعتدى عليه (انظر عن تفصيلات هذه المناظرة والحادث المترتب عليها الصحف: إيلرى، وحاكميت مليه، وجمهوريت، وصوك تلغراف عن الفترة من يونيه إلى أغسطس سنة ١٣٤٠ هـ[المالية] / ١٩٢٤ م) وقد نشر الصحفى صبحى نورى أخو جلال نوري مقال احتجاج شديد اللهجة في اليوم التالي لصحيفة إيلرى (٣١ يو ليه ١٩٢٤ م)؛ ولكن جلال نورى نفسه لم يكن يكتب في هذه الصحيفة إلا في بعض الأحيان وتجنب الجدل؛ وتوفى جلال في إستانبول في الثاني من نوفمبر سنة ١٩٣٨ م.
وقد ألف جلال نورى نحو ثلاثين كتابًا ودبج آلافا من المقالات، جمع بعضها في كتاب، ولم يلتزم كل الالتزام بجماعة من الجماعات الثلاث الكبرى التي كانت غالبة في الفترة التالية لسنة ١٩٠٨ م؛ أي "المتعصبين للتركية" و"المتعصبين للإسلام" و"الآخذين بالأساليب الغربية"، إلا أنه اتخذ لنفسه مكانا وسطا بين الجماعتين الأخيرتين، وقد أثار جدلا طويلًا في المسائل الاجتماعية والسياسية والدينية والقضائية واللغوية مع كبار كتاب تلك الفترة وعارض أيضًا الوطنيين