وكان أيوب رجلًا عظيم التقوى رحيما بالمساكين يكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف، وكان نبيا بعثه الله ليدعو أهل بلده إلى التوحيد وقيل إنه كان في حوران وفي رواية أخرى أنه كان في بثنية. وكان الذين آمنوا به يلتفون حوله كل مساء ويصلون معه (انظر aba Batra ١٥؛ Seder Olam Rabba ٢١؛ Bereshit Rabba، ٣٠، ٩، Abot Natan . R، طبعة Schechter ص ٣٣ - ٣٤، ص ١٦٤). وأورد رجال الحديث حرفا حرفا تقريبا جزءًا كبيرا من سفر أيوب (١: ٦، ٢: ٧) وهو الجزء الذي يتحدث عن ابتلاء الله له، وزادوا عليه أن إبليس أراد أن يقضى على أيوب حسدا منه وغيرة.
ولما سلطه الله آخر الأمر على جسد أيوب دون أن يجعل له سلطانا على قلبه أو لسانه أو عقله، جاءه إبليس فنفخ في منخريه نفخة اشتعل منها جسده وخرج به من فوقه إلى قدمه ثآليل مملوءة بالديدان، وتغير لحمه وأنتن حتى أخرجه أهل القرية منها وجعلوه على كناسة (انظر Abot R. Natan ص ١٦٤ سفر أيوب: الإصحاح الخامس).
وكانت امرأة أيوب تعمل للناس وتأتى بالطعام لها ولزوجها المنكوب. ورأى إبليس أن جهوده مع أيوب باءت بالفشل والخسران، ولكنه مع هذا لم يكف عن تدبير أحابيل جديدة للإغراق في عذاب أيوب، وكان يظهر في صور مختلفة: ذهب مرة إلى أهل القرية ونصح لهم ألا يستخدموا امرأة أيوب، وظهر مرة أخرى لامرأة أيوب نفسها وطلب إليها أن تؤمن به وهو قادر على أن يضع حدا لآلام زوجها، ولما باء بالخسران في ذلك كله اعترف بعجزه، ويقول أكثر علماء المسلمين إن أيوب كان في السبعين من عمره عندما سلط الله عليه إبليس (انظر Bereshit Rabba, ٤، ٦١، ٣، ٥٨، سفر أيوب: الإصحاح ١٢؛ تفسير البيضاوى للآية ٨٣ من سورة الأنبياء). واختلفوا في مدة بلائه، قال بعضهم إنها سبع سنوات (انظر سفر أيوب: الإصحاح الخامس) وقال غيرهم سبع سنوات وسبعة أشهر وسبع ساعات، وقال آخرون بل ثلاث