آل شداد، وهم أيضًا من الأكراد الذين قلدهم السلطان السلجوقى ألب أرسلان مناصب في حكومة هذا الإقليم، في منتصف القرن السابق. ومهما يكن من أمر فإن الأتراك تخلصوا شيئًا فشيئا من جميع الأمراء والسادة الأكراد، فالتحق كثير منهم بخدمة هذا السلطان حتى لا يفقدوا كل شيء، ومما قربهم إليه أنهم كانوا مثله من أنصار أهل السنة. وفقد آل شداد بلدة دبيل عام ٥٢٤ هـ (١١٣٠ م)، فالتحق شاذى بخدمة بهروز السلجوقى الحاكم العسكري للعراق، وكان بهروز يحتفظ بتكريت إقطاعا له، فعين شاذى عاملا على تلك المدينة، وخلفه بعد وقت قصير في هذا المنصب ابنه أيوب (Prehistory of Saladin: V. Minorsky في Studies in Caucasian History. كمبردج سنة ١٩٥٣، ص ١٠٧ - ١٢٩).
واستحق أيوب بهذه المثابة شكر زنكى صاحب الموصل وحلب، إذ أن أيوب قدم لزنكى العون الذي مكنه -بعد هزيمته من الخليفة- من عبور نهر الفرات والانسحاب بقواته دون أن تلحق به كارثة. واختط زنكى لنفسه، أولًا وقبل كل شيء، سياسة مقررة في البلاد الواقعة وراء الموصل، تقوم على إخضاع الأكراد ثم تجنيدهم في جيشه. والتحق أيوب بخدمته عام ٥٣٢ هـ (١١٣٨ م) فأفاد منه على الفور في الشام، وعينه عاملا على بعلبك المواجهة لدمشق. وعند وفاة زنكى وضع أيوب نفسه تحت تصرف أمير دمشق البورى، فعينه هذا الأمير عاملا على تلك المدينة، وفي الوقت نفسه التحق أخوه شيركوه بخدمة نور الدين بن زنكى صاحب شمالي الشام، فأقطعه حمص. ومهما يكن من شيء فإن اتجاه الرأى العام في دمشق أدى آخر الأمر إلى توحيد الشام الإِسلامية بغية مواصلة القتال على نحو أفضل ضد الفرنجة، تحت لواء الأمير نور الدين، وكان من أقوى الأمراء على الجهاد وأشدهم حماسة له، وأسهم الشقيقان شيركوه وأيوب بنصيب كبير في خضوع دمشق وتسليمها. وآثر أيوب أن ينضم إلى جانب نور الدين الوالى على قصبة الشام.
ويستحيل علينا في هذا المقام أن نصف بالتفصيل ما قام به شيركوه من