في دهليز أزج معقود بالآجر والجص، عرضه عشرون ذراعا وطوله ثلاثون ذراعا، المدخل إليه في عرضه، والمخرج منه من طوله، يخرج إلى رحبة. في صدر هذه الرحبة في طولها الباب الثاني وهو باب المدينة". ولم يذكر إلا عطفة واحدة، ولما كان الداخل يجتاز بعدها إلى فناء في الطرف الأقصى منه الباب الرئيسى فإن ذلك يستتبع أن الاتجاه الأول لا بد وأن يكون عموديا على اتجاه المخرج، وعلى هذا فإن من الواضح أن المدخل كان ولا ريب في جانب برج الباب.
وكثيرا ما يقال إن الباشورات توجد في الحصون البوزنطية في شمالي إفريقية، ونحن لا نغالى إذا قلنا إنه لا يوجد نموذج واحد على غرار هذا المدخل في أي مبنى شيد في عهد يوستنيانوس أو قبله سواء في شمالي إفريقية أورومة أو في القسطنطينية نفسها، أو في أي مكان آخر في الإمبراطورية البوزنطية (انظر مقالتي في Proc. Brit. Academy مجلد ٣٨، ص ١٠١ - ١٠٥). وأول باشورة في العمارة البوزنطية هي الباب الجنوبي للقلعة الداخلية في أنقرة التي شيدها ميخائيل الثالث سنة ٨٥٩ م كما جاء في نقش من النقوش.
ومن الراجح أن هذه الخطة نقلها العباسيون (الذين قدموا من الشمال الشرقي) من إقليم نهر جيحون حيث أكتشفت بعثة يرأسها تولستوف - Tol stov حصونا ترجع إلى ما قبل الإسلام، وأقدمها جميعًا قلعة جنباس، وتقوم على بعد حوالي ٥٠ كيلو مترا من النهر في منطقة لم تعد تصلح للرى. وهي تتألف من حصن مشيد باللبن مساحته ٢٠٠ × ١٧٠ مترا وجدرانه لا تزال قائمة، وارتفاعها ١٠ أمتار وفيها باشورة (Field and Tnlstnv . في - Ars Is clamicaj، جـ ٤، ص ١٥٠).
والمصطلح العربي للمدخل ذي العطفة هو باشورة كما يتضح ذلك بجلاء من الفقرة التي يصف فيها المقريزى باب زويلة بالقاهرة:"ولم يعمل [بدر الجمالى] له باشورة كما هي عادة أبواب الحصون من أن يكون في كل باب عطف حتى لا يهجم عليه العساكر في وقت الحصار ويتعذر سوق الخيل ودخولها جملة" (خطط