ويعبر بابا طاهر عن الفلسفة الصوفية الصحيحة فيعترف بآثامه ويطلب الصفح والغفران، ويقر بذَلّه وينشد الفناء لأنه الدواء الوحيد الشافى لآلامه (رقم ١، ١٣، ٤٥، ٥٠، ٥٨). ويتميز بابا طاهر بشعور من الضعف الإنسانى، فعيناه وقلبه لا ينصرفان في سهولة عن التعلق بأسباب هذه الحياة الدنيا، وقلبه الثائر يشتعل بين ضلوعه ولا يريحه لحظة واحدة، فيهتف الشاعر في ألم:"أأنت أسد أيها القلب أم نمر من النمور؟ أنت الذي لا تكف عن حربى وكفاحى. سأسفك دمك أيها القلب إذا وقعت في يدي لأرى من أي لون أنت"(٣، ٨، ٩، ٢٦، ٣٦، ٤٢).
ودراسة بابا طاهر من ناحية علم النفس تظهر أنه يباين عمر الخيام مباينة قوية، فلسنا نجد في شعره أثرا من قول الخيام بأن اللذة هي الغاية المثلى من الوجود، ولانجد في شعره أيضًا ما نجده في شعر الخيام من الاطمئنان إلى ما يتمخض عنه الموت، على أن الخيام تنقصه تلك الشعلة الصوفية التي نجدها في شعر بابا طاهر (انظر Critical Studies: Christensen in the Ruba'iyat of Unutr-i khayyam؛ طبعة كوبنهاغن، سنة ١٩١٧ م، ص ٤٤).
ومميزات شعر بابا طاهر التي تبعث في النفس المتعة والسرور هي ما نلمسه في شعره من مشاعر جديدة لم تتجمد في قالب ما اصطلح عليه الصوفية وألفوه، وماله من خيال مبتكر، وإذا تحدث عن الفزع فإنه يعبر عنه في أسلوب سهل بسيط، وإذا أتيح لشعر بابا طاهر مترجم من طراز فتزجرالد Fitzgerald (مترجم رباعيات الخيام) لكان منافسا خطيرا لعمر الخيام.
بابا طاهر الصوفى: إن الدراويش من الفرس الذين تحدث إليهم زوكلوفسكى ذكروا له أن بابا طاهر صنف ٢٢ رسالة في علم ما بعد الطبيعة "الميتافيزيقا"، على أننا لم نعرف في أوروبا وجود تفاسير وشروح لأقواله في أكسفورد وباريس إلا بفضل إتيه وبلوشيه - Ethe and Blo chet. وقد نشرت الآن رسالته الكاملة