وكان من المسلم به عندهم أن كل نص منزل له معناه الباطن الذي يقابل الظاهر، ولم يكن هذا قاصرًا على فقرات هي مجازية على آية حال، ولكن على فقرات تاريخية، وفقرات الوعظ، وأحكام الشرع والمعاملات، وعلى كل إنسان، أو فعل أو غاية تذكر، فكان يجب أن يأخذ هذا كله مأخذا رمزيا، والأشياء الرمزية كانت في كثير من الأحيان تشرح واحدة واحدة من حيث هي موضوعات مطروحة للموافقة والطاعة والكراهية وما أشبه ذلك حسب موقعها من الكلام، غير أنه في بعض الأحيان كانت تقرأ قصص وحكايات بأكملها باعتبارها رمزيات توسع فيها. وقد استخدم بلا حرج العدد الرمزى والحرف الرمزى، وكان الإجراء نفسه مطبقا أيضًا على الكتب المنزلة غير الإسلامية، بل وعلى الطبيعة بأسرها، إذ أن الباطن كان يمثل عالما باطنيا ينطوى على حقيقة روحانية خفية مقابلة لحقيقة الظاهر، وهو العالم العادى المرئى، الذي يحجبه ويخفيه، والمهمة الحقة لكتاب منزل هي أن تشير إلى ذلك العالم الخفى حتى حين يحتفظ به مستورًا وراء رموز.
والتأويل الذي هو تخليص باطنى من نص ظاهر كان على هذا أساسيا كالتنزيل، وكان كذلك قائمًا على الوساطة الإلهية، ويجب أن يكون لكل نبي جاء بتنزيل "وصيّ" (وفي حال محمَّد كان الوصى "على") هو الذي أعطى التأويل يبسطه إلى القلة الجديرة بذلك بينه وبينها، أي إلى أفراد الفرقة الذين ارتضوا حُجِّيته.
ومن ثمة كان الناس جميعًا منقسمين إلى خاصة، وهم الصفوة الذين يعرفون الباطن، وإلى عامة وهم الكثرة الجاهلة. وكان الخاصة هم هؤلاء الذين يُحتفل بدخولهم في الفرقة أي يلقنون المعرفة والطاعة للإمام الذي هو الممثل لعلى والمصدر الثقة الوحيد للتأويل في أي جيل. وبين الإسماعيلية