والرغبة في التحلل السفسطائى من العقائد المسلم بها عامة أن إلى قيام نزعة ملحة تهدف إلى السمو بالباطن سموًا جوهريًا، وفي مذهب الإسماعيلية الفاطمى الرسمى اعتبر أن كلا من الظاهر والباطن له ميادينه الخاصة المناسبة، على الأقل في مسائل العبادات والشرعيات الملزمة للداخل في الطريقة. ولكن كانت ثمة بين الباطنية معاودة متكررة لنبذ معنى الظاهر كلية على الأقل في أحكام العبادات على إعتبار أنها نافلة لكل من يعرف الإمام ومن ثم الباطن، وهذا حدث مثلًا بين الإسماعيلية النزارية بعد سنة ٥٥٩ هـ (١١٦٤ م). وهؤلاء الذين نبذوا الظاهر كلية قد جروا أيضًا في الأكثر على السمو بالوصى (على) لأن التأويل عندهم كان أحق من التنزيل، وكان هذا موقف النصيرية.
ويظهر أن الحركة الباطنية تركت آثارا بين جماعات متأخرة مثل الحروفية والرَوْشَنَيِة والبابية الذين أخذوا بالتفسير الرمزى وإن كان ذلك في بعض النصوص المختلفة بعض الاختلاف.
وكذلك أثرت اصطلاحات التأويل وتصوراته بعد أن تجردت من طائفيتها في رمزية الفكر الصوفى، ومع ذلك فلعل المواقف الجوهرية التي اتخذتها الباطنية كان لها فوق ذلك كله أثر في جعل أهل السنة من المسلمين أكثر تشككا في أي لون من ألوان التأويل الرمزى، وعلى هذا النحو جعل الغزالي الباطنية الإسماعيلية في كتابه "القسطاس المستقيم" مبدأ الخلاف في تحليله للحدود الشرعية للتأويل عامة.
(ب) واستخدم الكتاب السنيون فيما بعد المصطلح "باطنية" في جدلهم ليجرَحوا أي كتَاب يرون أنهم قد جاوزوا التسليم بالمعنى الباطنى للتنزيل إلى أنكار المعنى الظاهر مقتصرين في ذلك على المعنى الباطن، وعلى هذا النحو فإن ابن تيمية لم يرم بالباطنية الشيعة الباطنية فحسب، بل رمى أيضًا بعض الصوفية وكذلك بعض الفلاسفة مثل