ويقال إنه كان له الشأن الأكبر في تقعيد المذهب الأشعرى وإشاعاته.
ولا يعرف تاريخ مولده، أما وفاته فقد وقعت في ٢٣ ذي القعدة سنة ٤٠٣ (٥ يونيه سنة ١٠١٣ م"؛ ولد الباقلانى في البصرة، والظاهر أنه قضى معظم سنى بلوغه في بغداد: وذكر أنه زار بغداد وبلاط الروم، وتولى ردحا من الزمن القضاء في خارج بغداد؛ ودرس أصول الدين على تلاميذ الأشعرى، ويقال إنه اجتذب إلى دروسه الكثيرين. وتروى حكايات مختلفة لبيان براعته في الجدل، ولقد كان الباقلانى قاضيا وكاتبًا ومجادلا ومحاضرا، وهذه النواحى هي قوام حياته التي تعتمد معرفتنا بها على مصادر أقرب إلى النقصان، وقد زودنا القاضي عياض بثبت بآثاره (أضاف إليها أصحاب الفهارس ثلاثة عناوين) والمعروف أن ستة كتب من كتبه الاثنين والخمسين وصلت إلينا وهي: "إعجاز القرآن" وقد طبع عدة مرات ويعد من الكتب العمدة في هذا الموضوع؛ و"التمهيد" وهو أقدم ما لدينا من مثل على الرسالة تكتب في المناظرة الكلامية؛ و"لإنصاف" وهو جزءان: رواية في العقيدة السنية مع توضيحات مختصرة، ومناقشة تفصيلية لعدم خلق القرآن، والقدر, ورؤية الله؛ والشفاعة؛ و"المناقب" (غير كامل) وهو دفاع عن موقف مذهب السنة حيال الإمامة (الخلافة) و"الانتصار" وهو يعني أول ما يعني بسلامة النص القرآنى. وموضوع "البيان" (غير كامل) هو الإعجاز البيانى المثبت لدعوة النبوة.
ولا تمكننا دراسة هذه الآثار من أن نحدد بالدقة فضل الباقلانى في تطوير الكلام على مذهب الأشعرى، ذلك أننا لا نعلم العلم الكافي ما فعله في ذلك معاصروه وأسلافه مثل ابن فورَك وأبي إسحاق الإسفرايينى والأشعرى نفسه. ومن ثم فإن من الواضح الآن أن كثيرا مما يكون قد نسب إلى الباقلانى وجد من قبل في مصنف الأشعرى "كتاب اللمُع"، وقد قال ابن تيمية في الباقلانى إنه خير متكلمى الأشاعرة، لا يداينه سابق ولا لاحق (الشذرات، جـ ٣، ص ١٦٩)، ولكن هذا المديح ليس خالصا من الهوى: أما ما قرره ابن خلدون (المقدمة، جـ ٣، ص ٤٠) وما أكده ما كدونالد Development of muslim (Macdonald Theology ص ٢٠٠ - ٢٠١)