وصناعة الأحكام. وقد أجمع علماء الفرنجة المحققون على أنه كان أسمى مكانة من بطلميوس الفالوذى إذ احتوت مصنفاته شتات الحقائق الفلكية أكثر مما احتوته منها مصنفات الفلكى الإغريقى. ولهذا عدَّه لالند Lalande الفلكى الفرنسى الكبير المتوفى سنة ١٨٠٧ من الفلكيين العشرين المبرزين الذين أنجبهتم الإنسانية منذ خلق الله الخلق حتى الآن.
أما كتاب الزيج - وهو الرابع من مصنفاته التي سردها مؤلف المادة - فقد اشتهر بالصابئ فحسب، وقد ضمنه نتائج أرصاد للكواكب الثابتة لسنة ٢٩٩ هجرية ضمن ما قام به من الأعمال الفلكية المختلفة التي تتابعت من سنة ٢٦٤ إلى سنة ٣٠٦ أي مدة ٤٢ سنة.
وفي مكتبة الفاتيكان نسخة من هذا الزيج. وقد طبعه العلَّامه نللينو في العقد الأول من هذا القرن عن نسخة محفوظة في مكتبة الإسكوريال بالأندلس وترجم مرارًا إلى اللغة اللطينية وكذا إلى الأسبانية.
وكان البتانى يرصد في الرَقَّة على الضفة اليسرى من الفرات وموقعها على الدرجة السادسة والثلاثين من العرض الشمالي. وقد ذكر مؤلف المادة أنه وهو مقيم بتلك البلدة حدد بالدقة ميل "دائرة فلك البروج" يريد بهذه الدائرة ما اصطلح الفلكيون على تسميته بالدائرة الكسوفية.
والواقع أن البتانى حدد هذا الميل بـ ٢٣ درجة و ٣٥ دقيقة وهذا قصارى ما كان يبلغ إليه محقق من الدقة في زمن لم تكن الآلات الفلكية قد عرفت أو اخترعت وفيه كل الفخر له، لأن العلَّامة الفلكى لالند الآنف الذكر قام بحساب ذلك الميل بعد ألف سنة تقريبًا من وفاة البتانى فوجد أنه ٢٣ درجة و ٣٥ دقيقة و ٤١ ثانية أي بزيادة هذا الفرق من الثوانى لأنه أضاف إلى تقدير البتانى ٤٤ ثانية للانكسار ثم طرح منها ثلاث ثوان لاوختلاف الأفقى ولم يكن البتانى قد عمل لهما حسابًا.
والبتانى هو أول من كشف السمت azimuth والنظير nadir وحدد نقطتيهما من السماء، كما أنه أول من أبدل أوتار القسى بالجيوب في قياس المثلثات والزوايا.