تمام، ولو أن الأخبار التي ترويها عن لقائهما متباينة ويقال إن أبا تمام بعثه بوصية منه إلى أهل معرة النعمان منوها بأنه مداح فاستخدموه نظير أربعين ألف درهم، وهذا إذا صح دل على أن شعر هذه الفترة لم يرد في الديوان الذي ورد فيه ذكر قرية النعمان في الحديث عن ابن ثوابة (جـ ١، ص ١١٧) الذي لا شك أن الشاعر قد لقيه من بعد.
ويظهر من أشعاره الأولى الواردة في الديوان أنه مدح كثيرًا من الأسر الطائية الوجيهة مثل بنى حُميد الثلاثة: أبي نهشل (الأغانى، جـ ٩، ص ١٠٢) وأبي مسلم، وأبي جعفر - ومن الصعب أن نقول إن أبا جعفر هو عين الرجل الذي قتله بابك سنة ٢١٤ هـ - ومثل أسرة أبي سيد محمد بن يوسف المتوفى سنة ٢٣٦ والذي يقال إن البحترى لقى أبا تمام في بيته، وربما كانت القصيدة التي عزى فيها أبا سعيد في وفاة المعتصم أولى قصائد الديوان (جـ ١، ص ١٦٩. الراجح أن ذلك كان عام ٢٢٧ هـ). وأول من استظل به البحترى هو الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات، وقد مدحه في عهد الخليفة الواثق (جـ ٢، ص ١٩٤) كما مدح بيت عبد الله بن طاهر الذي نُصب ابنه محمد أميرًا على بغداد عام ٢٣٧ هـ، وربما كانت القصيدة التي قالها فيه قد أنشئت بعد ذلك بأمد وجيز تهنئة له بهذا المنصب (جـ ٢، ص ١٢٥)، ومدح البحترى أيضًا ولدين آخرين من أولاد ابن طاهر هما سليمان وعبيد الله، كما مدح بعض أقارب لهم أبعد من ذلك.
ويظهر أن البحترى أصبح شاعر البلاط الأول مرة في عهد المتوكل عندما نال الحظوة لدى الفتح ابن خاقان الذي أهدى إليه ديوان الحماسة. وقد قال في المتوكل والفتح كثيرًا من قصائده ولو أن صلته بالفتح كانت تنصرم في بعض الأحيان. وعندما عهد الخليفة المتوكل بولاية العهد لأبنائه الثلاثة على التعاقب عام ٢٣٥ هـ أخذت مدائح البحترى تتحدث عن الأحداث التي