شهرا وبعض أيام، أحداث يشير إليها الشاعر في القصيدة ١٤٣ (الديوان ٣٦٩) التي مدح بها هذا الخليفة، فأما الشغب الذي حدث في أعقاب خلع المعتز فهو وثوب العامة بسليمان بن عبد الله ابن طاهر في بغداد، فكانت فتنة قتل فيها وغرق في دجلة وجرح آخرون ثم استقام الأمر بعد ذلك، وأما الأحداث التي أشار إليها الشاعر فهي قتل عبيدة العمروسى الشارى: قتله مساور بن عبد الحميد الشارى حين التقى معه به في جمادى الأولى سنة ٢٥٦ بالكحيل وكانا مختلفى الآراء، وقيام موسى بن بغا أمير الري بمحاربة مساور الشارى، ويشير مرة أخرى في القصيدة ٢٦٨ (الديوان ٦٧٤) التي مدحه بها إلى أحداث أخرى وقعت في العريش وفلسطين وقيام "مفلح" وهو قائد من قواد "الموالى" بمطاردة العصاة. وثمة قصيدة ثالثة قالها فيه هي رقم ٣٤١ (صفحة ٨٥٢)، وهو يشير في قصائده له إلى تقواه.
وتعود الخلافة بعد المهتدى إلى ابن من أبناء المتوكل هو المعتمد أحمد بن جعفر، ويظل في الخلافة من سنة ٢٥٦ إلى وفاته في سنة ٢٧٩ هـ أي ثلاثًا وعشرين سنة كان فيها كالمحجور عليه من أخيه الموفق الذي ولاه المعتمد أمور الناس ليفرغ هو إلى لذاته، فقوى أمر الموفق، كما قوى أمر ابن الموفق الذي تولى الخلافة بعد عمه المعتمد وتسمى باسم "المعتضد".
وقد سجل البحترى أحداث هذا العهد من حروب قام بها الموفق مع الزنج، وامتدت رقعة صلاته برجال الحكم في عهد المعتمد من وزراء وكتاب.
وضاقت به الحياة في بغداد على الرغم مما هو فيه من جاه يغبطه عليه آخرون, ويوغرون عليه الصدور، وأصبح حنينه إلى وطنه يشتد ويقوى عما كان عليه في عهد المعتز حين خاطبه بالقصيدة ٥٧٦ (الديوان ١٤٧٩ - ١٤٨٤) وسأله أن يسمح له بزيارة لا تستغرق أكثر من شهرين يطلع فيها على شؤون ضيعته بالشام التي أصبحت في حكم الضياع كاسمها من إهماله لها فيرم خلتها، فحقق له